بعدي أثرة وأمورا تنكرونها ...» الحديث (١). وهذا الحديث يدلّ على وقوع أثرة وحرص على طلب الدنيا ، وكذا وقوع الأمور المنكرة بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) (٢). وستأتي الإشارة في سورة الفتح إلى ذلك ، في من بايع بيعة الرضوان.
* وروى في الباب السادس ، أنّ أمّ سلمة زوج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قالت : «استيقظ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الليل وهو يقول : لا إله إلّا الله ، ما ذا أنزل الليلة من الفتنة؟! ما ذا أنزل من الخزائن؟! من يوقظ صواحب الحجرات ـ يريد أزواجه ـ؟! كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة!» (٣). ففي شرح ابن حجر العسقلاني على الحديث قال : قال ابن بطّال :
«قرن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نزول الخزائن بالفتنة إشارة إلى أنّها تسبّب عنها ، وإلى أنّ القصد في الأمر خير من الإكثار وأسلم من الفتنة ...» (٤). أي أنّ الفتوح في الخزائن تنشأ عنه فتنة المال ، بأن يتنافس فيه فيقع القتال بسببه ، وأن يبخل به فيمنع الحقّ ، أو يبطر صاحبه فيسرف ، فأراد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم تحذير أزواجه من ذلك كلّه.
أقول : وستأتي الإشارة في سورة الأنفال وغيرها إلى أنّ غرض وغاية جمع من الصحابة في غزوات النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم هو عرض الحياة الدنيا ومتاعها من الغنائم ، فضلا عن الفتوحات التي وقعت بعده ، ويكفيك لإثبات ذلك رصد ما ترك العديد من الصحابة من أموال وثروات طائلة عند موتهم.
* وروى في الباب الثامن قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا ترجعوا بعدي كفّارا يضرب بعضكم
__________________
(١). صحيح البخاري ٩ / ٨٤ ح ٤ ، وانظر : فتح الباري ١٣ / ٥ ح ٧٠٥٢.
(٢). آل عمران / ١٤٤.
(٣). صحيح البخاري ٧ / ٢٧٩ ح ٦٢.
(٤). فتح الباري ١٠ / ٣٧٢ ح ٥٨٤٤.