وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ ...) (١). وقال تعالى : (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ ...) (٢).
ولا يخفى أنّ الآيات المزبورة ليست في صدد تخشين العلاقة الخلقية مع الآخرين المتّصفين بذلك كي يتوهّم معارضتها بنظير قوله تعالى : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) (٣) ، وقوله تعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) (٤) ، بل هي في صدد بيان سياسة الانفتاح وبناء العلاقات الأساسية المعتمدة لبناء خطوات المستقبل من التحالفات في المجالات المختلفة.
الوحدة وحديث الفرقة الناجية
إنّ الحديث المتواتر بين الفريقين عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ أمّتي ستفترق بعدي على ثلاث وسبعين فرقة ، فرقة منها ناجية واثنتان وسبعون في النار» (٥) يلزم الباحث المسلم الطالب للنجاة الأخروية الفحص عن خصوص تلك الفرقة الناجية ، والتمسّك بها دون بقية فرق المسلمين ؛ لأنّ مؤدّى الحديث النبوي أنّ الاختلاف الواقع ليس في دائرة الظنون والاجتهاد المشروع ، بل هو في دائرة الأصول والأركان من الأمور القطعية واليقينية ، أي ممّا قام الدليل القطعي واليقيني عليها ، وإن لم تكن ضرورية في زمن أو أزمان معيّنة نتيجة التشويش أو التعتيم الذي تقوم به الفرق الأخرى.
والحديث ـ مضافا إلى كونه ملحمة نبوية ـ يحدّد معالم الوحدة التي يجب أن تقيمها الأمّة الإسلامية بأن تكون على منهاج الحقّ والهدى الذي تسير عليه الفرقة الناجية ، وإنّ الأمّة وإن اشتركت في الإقرار بالشهادتين والانتماء إلى الملّة الواحدة إلّا أنّ
__________________
(١). آل عمران / ١١٨ ـ ١١٩.
(٢). التوبة / ٨.
(٣). البقرة / ٨٣.
(٤). المؤمنون / ٩٦.
(٥). بحار الأنوار ٢٨ / ٢ ـ ٣٦.