سَبِيلاً) (١) ، أي : أنّ الأجر الذي سأله النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو المودّة في القربى هو اتخاذ السبيل إلى الربّ تعالى ، فنفع المودّة عائد للأمّة نفسها لا للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إذ المودّة تتخذ سبيلا للهداية إلى الله تعالى ، فمودّة علي وفاطمة وابناهما هداية ، وهم السبيل إليه تعالى.
ويتحصّل من ذلك : تطابق آية المودّة مع حديث الثقلين وحديث السفينة وغيرها من الآيات والأحاديث في أصحاب الكساء.
مفاد آية المودة
إنّ التأمّل والتدبّر في ألفاظ الآية يرشدنا إلى ما أشارت إليه الآيتان الأخريان من كون المودّة في القربى مصلحة عامّة للأمّة وسبيل هداية ، وأنّ هذه الفريضة التي أمر الله تعالى نبيّهصلىاللهعليهوآلهوسلم بتبليغها للأمّة هي من عظائم الفرائض وأركانها ؛ وذلك لأنّ المودّة جعلت أجرا معادلا لكلّ الرسالة ومن البين أنّ تبليغ الرسالة اشتمل على تبليغ التوحيد والمعاد والإقرار والايمان بالنبوّة وغير ذلك من الأصول الاعتقادية ، فضلا عن بقية أركان الدين ، ومقتضى المعادلة بين الأجر والمعوض كون هذه الفريضة من أركان الدين.
وفي حديث الرضا عليهالسلام في مجلس المأمون عن آية المودّة :
وهذه خصوصية للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى يوم القيامة وخصوصية للآل دون غيرهم ، وذلك أن الله عزوجل حكى ذكر نوح في كتابه : (وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) (٢) وحكى عزوجل عن هود أنّه قال : (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٣) وقال عزوجل لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا محمّد! (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ
__________________
(١). الفرقان / ٥٧.
(٢). هود / ٢٩.
(٣). هود / ٥١.