فِيها حُسْناً) (١)
ولم يفرض الله تعالى مودّتهم إلّا وقد علم أنّهم لا يرتدّون عن الدّين أبدا ولا يرجعون إلى ضلال أبدا ، وأخرى أن يكون الرجل وادّا للرجل ، فيكون بعض أهل بيته عدوّا له ، فلم يسلم قلب الرجل له ، فأحبّ الله عزوجل أن لا يكون في قلب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على المؤمنين شيء ففرض الله عليهم مودّة ذوي القربى فمن أخذ بها وأحبّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأحبّ أهل بيته لم يستطع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يبغضه ، ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيته ، فعلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يبغضه لأنّه قد ترك فريضة من فرائض الله تعالى ، فأيّ فضيلة وأيّ شرف يتقدّم هذا أو يدانيه؟ ...
ـ إلى أن قال عليهالسلام ـ وما بعث الله عزوجل نبيّا إلّا أوحى إليه أن لا يسأل قومه أجرا ، لأنّ الله يوفّي أجر الأنبياء ، ومحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فرض الله عزوجل مودّة قرابته على أمّته ، وأمره أن يجعل أجره فيهم ، لتودّوه في قرابته ، لمعرفة فضلهم الذي أوجب الله عزوجل لهم ، فإنّ المودّة إنّما تكون على قدر معرفة الفضل. ـ إلى أن قال عليهالسلام ـ وما أنصفوا نبيّ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حيطته ورأفته ، وما منّ الله به على أمّته ممّا تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه ، أن يودّوه في قرابته وذريّته وأهل بيته ، وأن يجعلوهم فيهم بمنزلة العين من الرأس ، حفظا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم ، وحبّا لهم ، وكيف والقرآن ينطق به ويدعوا إليه ، والأخبار ثابتة أنّهم أهل المودّة والذين فرض الله تعالى مودّتهم ووعد الجزاء عليها ، فما وفى أحد بهذه المودّة مؤمنا مخلصا إلّا استوجب الجنّة ، لقول الله عزوجل في هذه الآية : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ* ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ
__________________
(١). الشورى / ٢٣.