ولعمري لخلعه إيّاها كان خيرا له ؛ لأنّه أخذها بغير حقّ ، ولم يكن له فيها نصيب ، وادّعى ما ليس له ، وتناول حقّ غيره.
ويلك يا ابن قيس! إنّ عثمان لا يعدوا أن يكون أحد رجلين : إمّا أن دعا الناس إلى نصرته فلم ينصرونه ، وإمّا أن يكون القوم دعوه إلى أن ينصروه فنهاهم عن نصرته ؛ فلم يكن يحلّ له أن ينهى المسلمين عن أن ينصروا إماما هاديا مهتديا ، لم يحدث حدثا ولم يؤو محدثا ، وبئس ما صنع حين نهاهم ، وبئس ما صنعوا حين أطاعوه ، فإمّا أن يكونوا لم يروه أهلا لنصرته ؛ لجوره وحكمه بخلاف الكتاب والسنّة ... (١)
وهكذا مواقف حواريّيه عليهالسلام تجاه عثمان ، مثل أبي ذرّ وما جرى بينهما ، وموقف عمّار مع عثمان ، بل إنّ مصادر القوم تنسب تدبير خلع عثمان في الدرجة الأولى إلى عمّار ومحمّد بن أبي بكر.
وغير ذلك من مواقفهم عليهمالسلام ومواقف أصحابهم ـ رضي الله عنهم ـ التي قد يتخيّل أنّ فيها مصادمة مع الوحدة ، ولم يجدوا في الوحدة معنى يطغى على الأمر بالحقّ والمعروف والنهي عن الباطل والمنكر ، أي على تولّي الحقّ والتبرّي من الباطل.
معنى وقوام الوحدة
ويشير عليهالسلام إلى الوحدة المعنية التي هي محلّ أهمّية في قوله عليهالسلام :
وأيم الله لو لا مخافة الفرقة من المسلمين أن يعودوا إلى الكفر ويعود [يبور] الدين لكنّا قد غيّرنا ذلك ما استطعنا (٢).
__________________
(١). كتاب سليم بن قيس الكوفي ٢ / ٦٦٦ ضمن ح ١٢ ، بحار الأنوار ٢٩ / ٤٦٩ ضمن ح ٥٥ ، ولها مصادر كثيرة أخرى ؛ لاحظ : هامش هذه الخطبة في بحار الأنوار.
(٢). الأمالي ـ للشيخ المفيد ـ ١٥٤ ـ ١٥٦ ح ٦.