وفي قتل عثمان لم يمانع عليهالسلام وقوعه ، وإنّما كان ينكر على الثوّار هذا الأسلوب من جهة أنّه يعطي الذريعة لمعاوية وبني أمية وغيرهم لزعم مظلومية عثمان ، بخلاف حصره ومطالبته بخلع نفسه وتسليم من سبّب الفتنة ممّن كان في جهته ، فإنّ ذلك كان قد ارتضاهعليهالسلام ، وهو مفاد الوساطة التي قام عليهالسلام بها في المرّة الأولى ، إلّا أنّ عثمان اتّهمه بأنّه السبب في كلّ ذلك فاعتزل عليهالسلام.
وقد منع السيّد المرتضى في الشافي (١) والشيخ في تلخيصه (٢) ثبوت إرسال أمير المؤمنين الحسن عليهالسلام للذبّ عن عثمان من طرقنا ؛ ولو سلّم فليس للذبّ عنه بل للوساطة درءا عن تشعّب الفوضى ، وإلى ذلك يشير ما رواه الشريف المرتضى (٣) عن الواقدي ، عن الحكم بن الصلت ، عن محمّد بن عمّار بن ياسر ، عن أبيه ، قال :
رأيت عليّا على منبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين قتل عثمان وهو يقول : ما أحببت قتله ولا كرهته ، ولا أمرت به ولا نهيت عنه.
وروى البلاذري عنه عليهالسلام أنّه قال :
والله الذي لا إله إلّا هو ما قتلته ولا مالأت على قتله ولا ساءني (٤).
وروي بطرق كثيرة عنه عليهالسلام أنّه قال : «من يسائلي عن دم عثمان فإنّ الله قتله وأنا معه» (٥) ، وفسّر بأنّ حكم الله هو قتله وأنّه عليهالسلام راض بحكم الله تعالى.
وفي خطبه له جوابا لاعتراض الأشعث بن قيس قال عليهالسلام :
ولو أنّ عثمان لمّا قال له الناس : اخلعها ونكفّ عنك ، خلعها ، لم يقتلوه ، ولكنّه قال : لا أخلعها ، فقالوا : فإنّا قاتلوك فكفّ يده عنهم حتّى قتلوه ،
__________________
(١). الشافي ٤ / ٢٤٢.
(٢). تلخيص الشافي ٣ / ١٠٠.
(٣). الشافي ٤ / ٣٠٧ ـ ٣٠٨ ؛ ورواه البلاذري في الأنساب ٥ / ١٠١.
(٤). الأنساب ٥ / ٩٨.
(٥). الغدير ـ للأميني ـ / ٦٩ ـ ٧٧ ـ ٣١٥ ـ ٣٧٥ ، والشافي ٤ / ٣٠٨ ـ ٣٠٩.