صدّيق هذه الأمّة الأكبر ، وفاروقها الأعظم بين الحقّ والباطل ، ويقتضيه ما روي مستفيضا عند الفريقين أنّه : «قسيم الجنّة والنار».
كما أنّ الأشخاص المعنيين بالخبر المفشى تقتضي السورة والآيات بتقابلهم وتباينهم مع موقع الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم والدين وصالح المؤمنين ، وأنّ «صالح المؤمنين» مولى النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم ووليّه يلي أمره في الدين ، ومن ثمّ كانت هذه الآيات في السورة معلنة لولاية «صالح المؤمنين» ، وأنّه وليّهم بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في قبال موقع الطرف الآخر صاحب المكيدة والتدبير على الدين والرسول الأمين صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الملحمة القرآنية والإسرار النبوي
الحديث الذي أسرّ به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى حفصة ـ كما تشير إليه سورة التحريم ـ قد سبق وأن أنبأ به القرآن الكريم في سورة البقرة وفي سورة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والأولى من أوائل السور المدينة نزولا ، والثانية متقدّمة نزولا على سورة التحريم أيضا ..
ففي الأولى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ* وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ* وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ* وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) (١).
الملفت للانتباه أنّ في هذه الآيات جرى التقابل بين طرفين وموقعين في مجرى
__________________
ـ في العمدة عن تفسير الثعلبي : ١٥٢ ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب : ٥٣ ، والقرطبي في جامع الأحكام ١٨ / ١٨٩ ، والأندلسي في البحر المحيط ٨ / ٢٩١ ، وابن الجوزي في التذكرة : ٢٦٧ ، وابن همام في حبيب السير ٢ / ١٢ ، والحسكاني الحنفي في شواهد التنزيل ٢ / ٢٥٩ ، وذكر محمّد بن العبّاس في تأويل الآيات ٢ / ٦٩٨ اثنين وخمسين حديثا من طرق الخاصّة والعامّة.
(١). البقرة / ٢٠٤ ـ ٢٠٧.