والاستكبار ، أو الإفساد بالقوة الفاشية من الحكّام بتوسّط القتال.
فالغاية من الجهاد هي إقامة حكم الله في الأرض ، والحقّ والعدل ، وهدم الباطل والظلم ، لا أن يستبدل باطل بلون آخر من الباطل ، والظلم بنمط آخر من الظلم ؛ بأن يخرج المستضعفين في العقيدة أو المستضعفين في الحقوق المدنية والسياسية من كفر إلى قسم آخر من الكفر ، أو من الاضطهاد الحقوقي المدني والسياسي إلى اضطهاد من شكل آخر ؛ إذ للكفر أبواب وأقسام ، كما أنّ للظلم أنواع وألوان ، بل يتحرّر الضعيف في المعرفة إلى قوي في الإيمان والبصيرة ، والضعيف في المعيشة إلى قوي في أسباب المعاش ..
فالخطاب للمؤمنين بأن يقوموا بمسئولية النصرة والتولّي للضعفاء ؛ لتحلّيهم بالقوّة والإيمان والعدالة ، فالقتال والجهاد ليس هويته في الدين هو العنف والبطش الغاشم ، بل هو العنف الهادم للظلم والاستبداد ؛ محبّة ورحمة بالضعفاء ، لا ما يعود إلى الوازع الشخصي للمقاتل ، والنوازع الشهوية والغضبية والطغيان لبناء طواغيت بشرية جديدة ، أو لإقامة شريعة محرّفة وسنن باطلة وأهواء ضالّة ، بل الخلوص من كلّ الدواعي الضيّقة إلى الداعي الوسيع ، وهو سبيل الله ، الذي يعمّ خيره الجميع ؛ فلا بدّ في حال القتال والجهاد في سبيل الله من تحديد : ما هو المطلوب إقامته بعد هدم أركان الباطل؟!
ففي صحيحة يونس بن عبد الرحمن ، قال : «سأل أبا الحسن عليهالسلام رجل ـ وأنا حاضر ـ فقال له : جعلت فداك! إنّ رجلا من مواليك بلغه أنّ رجلا يعطي سيفا وفرسا في سبيل الله ، فأتاه فأخذهما منه [وهو جاهل بوجه السبيل] ، ثمّ لقيه أصحابه فأخبروه أنّ السبيل مع هؤلاء ـ أي بني العبّاس ـ لا يجوز ، وأمروه بردّهما؟!
قال : فليفعل. قال : قد طلب الرجل فلم يجده ، وقيل له : قد قضى [مضى] الرجل.
قال : فليرابط ولا يقاتل. قلت : في مثل قزوين وعسقلان والديلم ، وما أشبه هذه الثغور؟! فقال : نعم. قال : فإن جاء العدوّ إلى الموضع الذي هو فيه مرابط ، كيف يصنع؟ قال : يقاتل عن بيضة الإسلام [لا عن هؤلاء]. قال : يجاهد؟ قال : لا ، إلّا أن يخاف على دار المسلمين. قلت : أرأيتك لو أنّ الروم دخلوا على المسلمين لم ينبغ [يسع] لهم أن