بكر بقتل المقاتلة وقسمة النساء والذرّيّة ، فقال له عمر ابن الخطّاب : «يا خليفة رسول الله! إنّ القوم على دين الإسلام ، وذلك أنّي أراهم يحلفون بالله مجتهدين : ما كنّا رجعنا عن الإسلام. ولكن شحّوا على أموالهم» (١) ، والحقيقة أنّهم أبوا إمارة أبي بكر.
وتظهر هذه الحقيقة التاريخية أيضا من بكر بن وائل في البحرين ؛ إذ أنّ سبب تمرّدهم وردّتهم في قولهم لكسرى : «إنّه قد مضى ذلك الرجل الذي كانت قريش وسائر مضر يعتزّون به ـ يعنون بذلك الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وقد قام من بعده خليفة له ، ضعيف البدن ضعيف الرأي» (٢).
ويظهر أنّ سبب تمرّد وردّة بني أسد وغطفان وفزارة ، ومناصرتهم لطليحة بن خويلد الكذّاب هو ضعة أبي بكر ، وقولهم بعدم أهليّته للخلافة ؛ إذ نادوا : «لا نبايع أبا الفصيل ـ يعنون أبا بكر ـ» (٣) ، وهذه التكنية تحقيرا لأبي بكر ، وإشارة إلى عمله في الجاهلية ، وهو الدلالة في بيع وشراء الإبل.
هذه لمحة خاطفة تدلّل على أنّ تدبير الفتوحات وخططها لا تعزى إلى الثلاثة!! كيف ولا مراس لهم بالحروب وإدارتها وأمور الجيوش؟! وقد ولى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليهم أسامة بن زيد في جيش المسلمين لمحاربة الروم في آخر أيّام حياته ، وأنّ خطط الفتوح وتدبيرها راجعة إلى أسباب وعوامل أخرى.
__________________
(١). كتاب الفتوح ١ / ٥٩.
(٢). كتاب الفتوح ١ / ٣٤.
(٣). كتاب الفتوح ١ / ١٤.