، وصادقا يكذب ، وأثرة بغير تقى ، وصالحا مستأثرا عليه ، فقال حبيب بن مسلمة لمعاوية: إنّ أبا ذرّ مفسد عليك الشام فتدارك أهله إن كانت لكم به حاجة. فكتب معاوية إلى عثمان فيه ، فكتب عثمان إلى معاوية : أمّا بعد ، فاحمل جندبا إليّ على أغلظ مركب وأوعره! فوجّه معاوية من سار به الليل والنهار ، فلمّا قدم أبو ذرّ المدينة جعل يقول : تستعمل الصبيان ، وتحمي الحمى ، وتقرّب أولاد الطلقاء ، ثمّ إنّ عثمان نفاه إلى «الربذة» ، فلم يزل بها حتّى مات. والمقام يطول بذكر كلّ ما جرى من إنكار أبي ذرّ على عثمان ومعاوية ؛ فلاحظ المصادر.
وأخرج البخاري في صحيحه من حديث زيد بن وهب ، قال : مررت بالربذة فقلت لأبي ذرّ : ما أنزلك هذا؟! قال : كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) فقال : أنزلت في أهل الكتاب ، فقلت : فينا وفيهم. فكتب يشكوني إلى عثمان ، فكتب عثمان : أقدم المدينة. فقدمت فكثر الناس عليّ كأنّهم لم يروني قبل ذلك ، فذكر ذلك لعثمان فقال : إن شئت تنحّيت فكنت قريبا ؛ فذلك الذي أنزلني هذا المنزل ، قال ابن حجر في فتح الباري في شرح الحديث : وفي رواية الطبري أنّهم كثروا عليه يسألونه عن سبب خروجه من الشام ، فخشي عثمان على أهل المدينة ما خشيه معاوية على أهل الشام. وهكذا الحال في ما جرى من إنكار عمّار وبعض أخلّائه على عثمان ؛ فلاحظ المصادر.
وفي تاريخ الطبري :
إنّ أبا بكر لمّا استخلف قال أبو سفيان : ما لنا ولأبي فصيل ، إنّما هي بنو عبد مناف. فقيل له : إنّه قد ولى ابنك. قال : وصلته رحم (١).
ومنهم : خالد بن الوليد. قال في الإصابة : وكان سبب عزل عمر خالدا ما ذكره الزبير بن بكّار ، قال : كان خالد إذا صار إليه المال قسمه في أهل الغنائم ، ولم يرفع إلى أبي بكر
__________________
(١). تاريخ الطبري ٣ / ٢٠٢.