يوصف بذلك لانّا قد عرفنا دلالة الظلم على جهل فاعله او حاجته. فان قال فكانكم لا تجيبون عن سؤال من سألكم عن دلالة وقوع الظلم والكذب ممن على جهل وحاجة باثبات ولا نفى قلنا كذلك تقول. فهؤلاء زعماء قدرية عصرنا قد اقروا بعجزهم وعجز أسلافهم عن الجواب فى هذه المسألة ولو وفّقوا للصواب فيها لرجعوا الى قول أصحابنا بان الله قادر على كل مقدور وان كل مقدور له لو وقع منه لم يكن ظلما منه. ولو احالوا الكذب عليه كما أحاله أصحابنا لتخلصوا عن الالزام الذي توجه عليهم فى هذه المسألة. وكان الجبائى يعتذر فى امتناعه عن الجواب فى هذه المسألة «بنعم» او «لا» بان يقول مثال هذا ان قائلا لو قال اخبرونى عن النبي لو فعل الكذب لكان يدلّ على انه ليس بنبي او لا يدل على ذلك؟ وزعم ان الجواب فى ذلك مستحيل وهذا ظن منه على اصله فاما على أصل أهل السنّة فان النبي كان معصوما عن الكذب والظلم ولم يكن قادرا عليهما. والمعتزلة غير النظام والاسواري قد وصفوا الله تعالى بالقدرة (٨١ ب) على الظلم والكذب فلزمهم الجواب عن سؤال من سألهم عن وقوع مقدورة منهما. هل يدلّ على الجهل والحاجة أو لا يدلّ على ذلك؟ بنعم او لا. وأيهما أجابوا به نقضوا به أصولهم. والحمد لله الّذي أنقذنا من ضلالتهم المؤدية الى مناقضاتهم