وروى ابن عبد ربه وهو رجل مغربي من أعيان أهل السنة في الجزء الرابع من كتاب (العقد) عن الذين تخلفوا عن بيعة ابي بكر قال : فأما علي والعباس فقعدا في بيت فاطمة حتى بعث إليهما أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهما من بيت فاطمة عليهاالسلام ، وقال له : إن أبيا فقاتلهما ، فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهما النار (١) ، فلقيته فاطمة عليهاالسلام فقالت : يا بن الخطاب أجئت لتحرق دارنا (٢) ، قال : نعم (٣). وفي هذا كفاية شافية ودلالة واضحة وافية. وإذ قد تحقق أن عليا عليهالسلام هو المنصوص عليه بالإمامة والخلافة بما لا شبهة فيه ولا رد له ، فالفرقة التابعة له هم الناجون بلا شبهة وهم من ذكرنا ، أعنى الإمامية ، لما ذكرنا غير مرة أنهم المعروفون به واسمهم شيعته وشعارهم اقتفاء أثره والله الهادي.
وروى أبو بكر بن مردويه بإسناد له عن مسلم قال : سمعت أبا ذر والمقداد بن الأسود وسلمان الفارسي قالوا : كنا قعودا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ما معنا غيرنا ، إذ أقبل ثلاثة رهط من المهاجرين البدريين ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : تفترق أمتي بعدي ثلاث فرق ؛ فرقة أهل حق لا يشوبونه بباطل ، مثلهم كمثل الذهب كلما فتنته بالنار ازداد جودة وطيبا وإمامهم هذا أحد الثلاثة وهو الذي أمر الله به في كتابه إماما ورحمة ، وفرقة أهل باطل لا يشوبونه بحق ، مثلهم كمثل خبث الحديد كلما فتنته بالنار ازداد خبثا ، وإمامهم هذا أحد الثلاثة ، وفرقة أهل ضلالة مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، وإمامهم هذا أحد الثلاثة قال : فسألتهم عن أهل الحق وإمامهم ، فقالوا : هذا علي بن أبي طالب عليهالسلام إمام المتقين ، وأمسك عن الاثنين فجهدت أن يسميهما فلم يفعل. وروى هذا الحديث أيضا خطيب خوارزم موفق بن أحمد ، ورواه أيضا أبو الفرج المعافى ابن زكريا ، وهو شيخ
__________________
(١) في نسخة الفريد : الدار بدل النار.
(٢) في نسخة الأصل : ديارنا.
(٣) العقد الفريد ٤ / ٢٥٩ ـ ٢٦٠ ط لجنة التأليف والترجمة والنشر.