مقدمة المحقق
انفجر الاختلاف بين المسلمين مباشرة بعد وفاة النبي (ص) ، عند ما اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ، والتحق بهم عدد من المهاجرين من قريش ، وذلك للبحث في خلافة الرسول (ص) ومن سيتولى القيادة بعده ، وإذا كان المهاجرون يتقدمهم أبو بكر وعمر قد استطاعا أن يقنعا ويتغلّبا على من حضر مؤتمر السقيفة بالتأكيد على ضرورة أن تكون الخلافة في قريش دون غيرهم ، ومن ثم بايع القوم أبا بكر وانطلقوا يمهدون له سبيل البيعة العامة ، فإن المهاجرين لن يتمكنوا من اقناع الإمام علي (ع) وأتباعه الذين لم يشاركوا في مؤتمر السقيفة لانشغالهم بتجهيز الرسول (ص) ودفنه ، فالإمام كان يعتبر نفسه الخليفة الشرعي المنصوص عليه من طرف الله ورسوله (ص) ، لذلك ما إن انتهى إليه أمر البيعة التي وقعت ، حتى انطلق في محاججات متعددة لإقناع الخليفة الجديد وأتباعه بخطإ اجتهادهم وما دبّروه ، لأن الأمر محسوم بالنص الإلهي ، مذكرا إياهم بعدد من المواقف والأحاديث التي تؤكد ما يدعيه وما يطلبه من أمر الخلافة ، مثل حديث واقعة غدير خم بعد حجة الوداع. لكن الأحداث وملابساتها وانفجار مشكلة الردّة وتظاهر المنافقين على الإسلام ، كل ذلك لم يكن في صالح الإمام علي (ع) ، الذي سيجد نفسه مضطرا للخضوع والرضوخ للأمر الواقع ، حفاظا على بيضة الإسلام ، لكن دون الإيمان ما وقع هو الحقيقة ، بل استمرت احتجاجاته واحتجاجات أصحابه على خصومهم ممن يدعم موقف الخلفاء الجدد.
وعليه يمكن أن نؤكد بأن مؤتمر السقيفة ، يعتبر المحطة الأولى التي انطلق منها