الاختلاف بين المسلمين ، لأن نتائجه أسفرت عن ظهور تيارين مختلفين ، تيار مدرسة الخلافة ، وتيار مدرسة الإمامة وأهل البيت عليهمالسلام ، وبعد التوسع الذي وقع نتيجة دخول الأمم الأخرى ومن تبقى من العرب الى الإسلام ، وانتشار حركة الفتوحات الإسلامية ، ستظهر على الساحة الإسلامية تيارات مختلفة ، تتصارع بينها ، مختلفة ومتناقضة حول الأصول والفروع. وبالتالي فلم يكد القرن الهجري الأول يلفظ أنفاسه حتى ظهرت ملامح الفرقة والاختلاف الذي سيتوسع ويتعمّق ، مع ظهور مدارس كلامية وفقهية وفلسفية وعرفانية ، وكل فرقة تدّعي أنها على حق وأن فهمها والتزامها هو الإسلام المحمدي الأصيل ، وتراشق القوم وتبادلوا التكفير والتضليل ، وسفّهت كل فرقة أحلام الفرقة الأخرى.
ولقد احتدم الصراع واشتد مع اكتشاف وتداول مجموعة من الأحاديث النبوية التي تحدثت عن الاختلاف ، وتنبأت بأن الأمة الإسلامية ستسقط فيما سقطت فيه الأمم التي سبقتها ، وحذرت من الفرقة والافتراق ، معتبرة أن غالبية الفرق التي ستظهر في الواقع الإسلامي منحرفة عن الصراط المستقيم ، ومن ثم فهي فرق ضالة لا نصيب لها من الحقيقة ، وأن مأواها جهنم غدا يوم القيامة. وهذا المصير الذي تنبأت به الأحاديث هو الذي جعل كل فرقة من هذه الفرق تهرع للبحث عن الأدلة العقلية والنقلية للتأكيد على أنها هي الفرقة التي تعتنق الحقيقة وتلتزم بها ، وأنها بالتالي هي الفرقة الناجية.
والمخطوط الذي بين أيدينا ، هو بحث كلامي حديثي ، يصب في هذا المنحى ، أي تحقيق وبحث وعرض للأدلة التي تؤكد وتثبت بالدليلين النقلي والعقلي بأن الفرقة الناجية والحقة والملتزمة بالصراط المستقيم هي الفرقة الإمامية ، التي شايعت وآمنت بالنص على إمامة الإمامة علي (ع) واعتبرته هو الإمام الشرعي بعد رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم).
لن نستعرض ما قدمه المؤلف من أدلة حول تعيينه للفرقة الناجية ، لأننا سنترك