وهذا خلاف زعمكم.
وإنّ اليوم ـ عندكم ـ الذين دعا لهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كفّار!
والذين أبى أن يدعو لهم ، وأخبر أنّ منها يطلع قرن الشيطان ، وأنّ منها الفتن هي بلاد الإيمان ، تجب الهجرة إليها.
وهذا بيّنٌ واضحٌ من الأحاديث إن شاء الله.
فصل
وممّا يدلّ على بطلان مذهبكم :
ما في الصحيحين (١) عن عقبة بن عامر ، أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم صعد المنبر فقال : إنّي لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ، ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها ، فتقتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم.
قال عقبة : فكان آخر ما رأيتُ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على المنبر ، انتهى.
وجه الدلالة منه : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبر بجميع ما يقع على أمّته ومنهم إلى يوم القيامة ، كما كرّر في أحاديث أُخر ، ليس هذا موضعها.
وممّا أخبر به هذا الحديثُ الصحيحُ : أنّه أمن أنّ أمّته تعبد الأوثان ، ولم يخافه عليهم ، وأخبرهم بذلك.
وأمّا الذي يخافه عليهم ، فأخبرهم به ، وحذّرهم منه ، ومع هذا فوقع ما خافه عليهم.
وهذا خلاف مذهبكم.
__________________
(١) صحيح البخاري : ٤ / ١٤٨٦ ح ٣٨١٦ كتاب المغازي ، ٥ / ٢٤٠٨ ح ٦٢١٨ كتاب الرقاق ، السنن الكبرى للبيهقي : ٤ / ١٤.