فإنّ الدعاء ـ في لغة العرب ـ هو العبادة المطلقة ، والتوكل عمل القلب ، والسؤال هو الطلب الذي تسمّونه ـ الآن ـ الدعاء.
وهو في هذه العبارة لم يقل : أو سألهم ، بل جمع بين الدعاء والتوكّل والسؤال.
والآن أنتم تكفّرون بالسؤال وحده ، فأين أنتم ومفهومكم من هذه العبارة؟!
مع أنّه رحمهالله بيّن هذه العبارة وأصلها في مواضع من كلامه ، وكذلك ابن القيّم بيّن أصلها.
قال الشيخ : من الصابئة المشركين مَن يظهر الإسلام ويعظّم الكواكب ، ويزعم أنّه يخاطبها بحوائجه ، ويسجد لها ، وينحر ، ويدعو.
وقد صنّف بعض المنتسبين إلى الإسلام في مذهب المشركين من الصابئة والمشركين البراهمة كتاباً في عبادة الكواكب ، وهي من السحر الذي عليه الكنعانيّون ، الذين ملوكهم النماردة ، الذين بعث الله الخليل ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ بالحنيفيّة ـ ملّة إبراهيم ـ وإخلاص الدين لله إلى هؤلاء.
وقال ابن القيّم في مثل هؤلاء : يُقرّون للعالمَ صانعاً ، فاضلاً ، حكيماً ، مقدّساً عن العيوب والنقائص ، ولكن لا سبيل لنا إلى الوجهة إلى جلاله إلّا بالوسائط ، فالواجب علينا أن نتقرّب بهم إليه ، فهم أربابنا ، وآلهتنا ، وشفعاؤنا عند ربّ الأرباب ، وإله الآلهة ، فما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى الله زلفى ، فحينئذٍ نسأل حاجاتنا منهم ، ونعرض أحوالنا عليهم ، ونَصْبو في جميع أمورنا إليهم ، فيشفعون إلى إلهنا وإليهم ، وذلك لا يحصل إلّا من جهة الاستمداد بالروحانيّات ، وذلك بالتضرّع والابتهال من الصلوات ، والزكاة ، والذبائح والقرابين ، والبخورات!!!
وهؤلاء كفروا بالأصلين اللذَين جاءت بهما جميع الرسل.
أحدهما : عبادة الله وحده لا شريك له ، والكفر بما يُعْبَد من دونه من إله.
والثاني : الإيمان برسله ، وبما جاءوا به من عند الله ، تصديقاً وإقراراً وانقياداً ،