ورضيه واختاره على الإيمان ، غير جاهلٍ به ، وهذا الكفر في الآية ممّا أجمع عليه المسلمون ، ونقلوه في كتبهم ، وكلّ من عدّ المكفّرات ذكره.
وأمّا هذه الأمور التي تكفّرون بها المسلمين ، فلم يسبقكم إلى التكفير بها أحدٌ من أهل العلم ، ولا عدّوها في المكفّرات ، بل ذكرها من ذكرها منهم في أنواع الشرك ، وبعضهم ذكرها في المحرّمات ، ولم يقل أحد منهم أنّ من فعله فهو كافرٌ مرتدٌّ ، ولا احتجّ عليه بهذه الآية ـ كما احتججتم ـ ولكن ليس هذا بأعجب من استدلالكم بآياتٍ نزلت في الذين (إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ* وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) (١) والذين يقال لهم : (أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى) (٢) والذين يقولون : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) (٣) والذين يقولون : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً) (٤).
ومع هذا ، تستدلّون بهذه الآيات ، وتنزّلونها على الذين يشهدون أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، ويقولون : ما لله من شريك ، ويقولون : ما أحدٌ يستحقّ أن يُعبد مع الله.
فالذي يستدلّ بهذه الآيات على من شهد له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأجمع المسلمون على إسلامه ، ما هو بعجيبٍ لو استدلّ بالآية على مذهبه!
فإن كنتم صادقين ، فاذكروا لنا من استدلّ بهذه الآية على كفر من كفّرتموه بخصوص الأفعال والأقوال التي تقولون إنّها كفر؟!
ولكن ـ والله ـ ما لكم مثل إلّا عبد الملك بن مروان لمّا قال لابنه : ادع الناس إلى
__________________
(١) الصافّات : ٣٥ ـ ٣٦.
(٢) الصافّات : ٣٥ ـ ٣٦.
(٣) الصافّات : ٣٥ ـ ٣٦.
(٤) ص : ٥.