وناظره ، واحتجّ بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) : أُمرت أن أُقاتل الناس حتّى يقولوا لا إله إلّا الله ، فمن قال لا إله إلّا الله عصم ماله ونفسَه ـ.
إلى أن قال رحمهالله ـ : وقد بيّنّا أنّ أهل الردّة كانوا أصنافاً.
منهم من ارتدّ عن الملّة ، ودعا إلى نبوّة مسيلمة وغيره.
ومنهم من أنكر الشرائع كلّها.
وهؤلاء الذين سمّاهم الصحابة رضي الله عنهم كفّاراً ، وكذلك رأى أبو بكرٍ سبي ذراريهم ، وساعده على ذلك أكثر الصحابة.
ثمّ لم ينقض عصر الصحابة حتّى أجمعوا أنّ المرتدّ لا يُسبى.
فأمّا مانع الزكاة منهم ، المقيمون على أصل الدين :
فإنّهم أهل بغي ، ولم يسمّوا أهل شركٍ ، أو فهُم كفّار ـ وإن كانت الردّة أضيفت إليهم ـ لمشاركتهم للمرتدّين في بعض ما منعوه من حقّ الدِّين.
وذلك أنّ الردّة اسم لغويّ ، وكلّ من انصرف عن أمرٍ كان مقبلاً عليه فقد ارتدّ عنه.
وقد وجد من هؤلاء القوم الانصراف عن الطاعة ، ومنع الحقّ ، وانقطع عنهم اسم الثناء والمدح ، وعلق عليهم الاسم القبيح ، لمشاركتهم القوم الذين كانوا ارتدوا حقاً.
ـ إلى أن قال ـ :
فإن قيل : وهل ، إذا أنكر طائفة في زماننا فرض الزكاة ، وامتنعوا من أدائها يكون حكمهم حكم أهل البغي؟
قلنا : لا ، فإنّ من أنكر فرض الزكاة في هذه الأزمان كان كافراً بإجماع
__________________
(١) صحيح مسلم : ١ / ٨٠ ح ٣٢ كتاب الإيمان.