الطائفة المكفّرة لها.
بل ، قد تكون بدعة الطائفة المكفّرة لها أعظم من بدعة الطائفة المكفَّرة ، وقد تكون نحوها ، وقد تكون دونها.
وهذا حال عامّة أهل البدع والأهواء الذين يكفّرون بعضهم بعضاً.
وهؤلاء من الذين قال الله فيهم (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) (١).
الثاني : أنّه لو فرض أنّ إحدى الطائفتين مختصّة بالبدعة ، والأُخرى موافقة للسنّة ، لم يكن لهذه [الموافقة ل] السُنّة أن تكفّر كلّ من قال قولاً أخطأ فيه.
فإنّ الله تعالى قال : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) (٢).
وثبت في الصحيح عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ الله تعالى قال : قد فعلت.
وقال تعالى : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) (٣).
ورُوي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : إنّ الله تجاوز عن أمتي عن الخطأ ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه.
وهو حديث حَسَن ، رواه ابن ماجة (٤) وغيره.
وقد أجمع الصحابة ، والتابعون لهم بإحسانٍ ، وسائر أئمّة المسلمين على أنّه ليس كلّ من قال قولاً أخطأ فيه أنّه يكفّر بذلك ، ولو كان قوله مخالفاً للسنّة.
ولكن للناس نزاع في مسائل التكفير ، قد بسطت في غير هذا الموضع.
وقال الشيخ رحمهالله أيضاً : الخوارج لهم خاصّيّتان مشهورتان ، فارقوا بها جماعة
__________________
(١) الأنعام : ١٥٩.
(٢) البقرة : ٢٨٦.
(٣) الأحزاب : ٥.
(٤) سنن ابن ماجة : ١ / ٦٥٩ ح ٢٠٤٣ كتاب الطلاق.