فأثبت لهم تبارك وتعالى الإيمان مع مقارنة الشرك.
فإن كان مع هذا الشرك تكذيبٌ لرُسُله ، لم ينفعهم ما معهم من الإيمان.
وإن كان تصديقٌ برُسُله ـ وهم يرتكبون الأنواع من الشرك ، لا يخرجهم عن الإيمان بالرُسُل ، واليوم الآخر ـ فهم مستحقّون للوعيد ، أعظم من استحقاق أهل الكبائر.
وبهذا الأصل أثبت أهل السُنّة دخول أهل الكبائر النار ، ثمّ خروجهم منها ، ودخولهم الجنّة ، لِما قام بهم من السببين.
قال : وقال ابن عبّاس في قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (١).
قال ابن عبّاس رضي الله عنهما : ليس بكفرٍ ينقل عن الملّة إذا فعله فهو به كَفَر ، وليس كمن كفر بالله ، واليوم الآخر.
وكذلك قال طاوس وعطاء (٢) ، انتهى كلامه.
وقال الشيخ تقيّ الدين (٣) : كان الصحابة والسلف يقولون : إنّه يكون في العبد إيمانٌ ونفاقٌ.
وهذا يدلّ عليه قوله عزوجل : (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ).
وهذا كثيرٌ في كلام السلف ، يبيّنون أنّ القلب يكون فيه إيمانٌ ونفاقٌ ، والكتاب والسنّة يدلّ على ذلك.
ولهذا قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (٤) : يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذَرّةٍ من إيمانٍ.
__________________
(١) المائدة : ٤٤.
(٢) مدارج السالكين : ١ / ٣٤٥.
(٣)
(٤) إتحاف السادة المتّقين للزبيدي : ٨ / ٥٦٢.