بكفرٍ ينقل عن الملّة.
وذلك أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر في الحديث الصحيح (١) أن تُدْرأَ الحدودُ بالشبهات.
وقد روى (٢) الحاكم في صحيحه ، وأبو عوانة ، والبزّار ـ بسندٍ صحيح ـ وابن السنّي عن ابن مسعودٍ رضي الله تعالى عنه ، أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إذا انفلتت دابّة أحدكم بأرض فلاةٍ فليناد : يا عباد الله احبسوا ، يا عباد الله احبسوا ، يا عباد الله احبسوا ـ ثلاثاً ـ فإنّ لله حاضراً سيحبسه.
وقد روى الطبرانيّ (٣) : إن أراد عوناً فليقل : يا عباد الله أغيثوني.
ذكر هذا الحديث الأئمّة في كتبهم ، ونقلوه ـ إشاعةً وحفظاً للأمّة ـ ولم ينكروه.
منهم النوويّ في (الأذكار) وابن القيّم في كتابه (الكلم الطيّب) وابن مفلحٍ في (الآداب).
قال في (الآداب) ـ بعد أن ذكر هذا الأثر ـ :
قال عبد الله بن الإمام أحمد : سمعت أبي يقول : حججت خمس حججٍ ، فضللت الطريق في حجّةٍ ـ وكنتُ ماشياً ـ فجعلتُ أقول : يا عباد الله دلّونا على الطريق ، فلم أزل أقول ذلك حتّى وقعتُ على الطريق ، انتهى.
أقول : حيث كفّرتم من سأل غائباً ، أو ميتاً ، بل زعمتم أنّ المشركين الكفّار الذين كذّبوا الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم أخفّ شركاً ممّن سأل غير الله في بَرٍّ أو بحرٍ.
واستدللتم على ذلك بمفهومكم الذي لا يجوز لكم ولا لغيركم الاعتماد عليه.
هل جعلتم هذا الحديث وعَمَلَ العلماء بمضمونه ، شبهةً لمن فعل شيئاً ممّا تزعمون أنّه شركٌ أكبر؟
__________________
(١) كنز العمّال : ٥ / ٣٠٥ ح ١٢٩٥٧.
(٢) فيض القدير للمناوي : ١ / ٣٠٧ ، كنز العمّال : ٦ / ٧٠٥ ح ١٧٤٩٦.
(٣) المعجم الكبير للطبراني : ١٧ / ١١٨ ، كنز العمّال : ٦ / ٧٠٦ ح ١٧٤٩٨.