* قال* وزعم الخليلُ أن قولهم هِجَان للجماعة بمنزلة ظِرَاف وكسَّروا عليه فِعَالا فوافَق فَعِيلا ههُنا كما وافقه فى الأسماءِ وأنا أُحَبِّر هذا الفصلَ وأكْشِفُ عن سِرِّه بما يحضُرنى من شرح الشيخينِ الفارسىِّ والسيرافىِّ قالا اعلم أن هِجَانا يُستَعْمل للجمْع والواحِد وفيه مَذْهبان ذكر سيبويه أحدَهما دونَ الآخَر فأما الأوّلُ منهما فهو الذى ذكره سيبويه أنه يقال هذا هِجَانٌ وهذانِ هِجانَانِ وهؤُلاء هِجَانٌ وذلك أنَّ هِجاناً الواحدَ هو فِعَال وفِعَال يَجْرِى مَجرى فعِيل فمن حيثُ جاز أن يُجمَعَ فَعِيل على فِعَال جاز أن يُجْمَع فِعَال على فِعَال لاستِواء فَعِيل وفِعَال وأمَّا المذهب الآخَرُ فيقال هذا هِجَانٌ وهذانِ هِجانٌ وهؤُلاءِ هِجَانٌ فيستوى الواحدُ والتثنيةُ والجمعُ فيَجْرِى مَجْزَى المصدَر ولم يذكره سيبويه وقد ذكره الجَرْمِىُّ* قال* وزعم أبو الخَطَّاب أنهم يجعَلُون الشِّمال جَمْعا وقالوا شَمائِلُ كما قالوا هَجائِنُ والشِّمَال ـ الخُلُق وقد قالوا فى قول الأَسْوَد بنِ عبد يَغُوثَ (١)
ألم تَعْلَما أنَّ المَلامةَ نَفْعُها |
|
قلِيلٌ وما لَوْمِى أخِى من شِمَالِيَا |
قالوا شِمَال ههُنا جمْع وهو بمنزلة هِجَانٍ جَمْعا وقالوا دِرْعٌ دِلَاصٌ وأدْرُع دِلَاصٌ وفيها ما فى هِجَانٍ من المذهَبيْنِ وقالوا جَوَاد وجِيَاد للجمع لأن جَوَادا مشَبَّه بفعِيل فصار بمنزلة قولك طَوِيل وطِوَال واستعملُوه بالياءِ دُونَ الواوِ كما قال بعضهم طِيَال فى طِوَال ويدُلُّك على أن دِلَاصا وهِجَانا جمعٌ لدِلَاص وهِجَان وأنه كَجَوادٍ وجِيَاد وليس كجُنُب قولُهم هِجَانانِ ودِلَاصانِ والتثنِيَةُ فى هذا النحوِ دليلٌ* قال أبو سعيد* قد ظهر من مذهب سيبويه أن دِلَاصا وهِجَانا اذا كان للجمع فهو جمْعٌ مكَسَّر لدِلَاص وهِجَان اذا كان للواحد وأنه ليس فيه مَذْهَب غيرُ ذلك وشَبَّهه بجَوَاد وجِيَاد ليَكْشِفَ الواحدَ لان جَوَاد الذى هو الواحِدُ لفظُه خِلافُ لفظِ جِيَاد الذى هو جمعٌ فقال هِجَانٌ الذى هو جمْع بمنْزِله جِيَاد وهِجانٌ الذى هو واحدٌ بمنزلة جَوَاد وان اتفق لفظُهما واستدل على صِحَّة قولِه بالتثنِيَة حين قالوا دِلَاصانِ وهِجانانِ ولو كان على مذْهَب المصدَر الذى تَستَوِى فيه التثنيةُ والجمع لكان لا يُثَنَّى وجُنُب على مذْهَبه لا يثَنَّى لأنه عِنْده مصدَرٌ ففُصِل بينهما وقد تقدَّم القولُ فى جُنُب وما ذكرتُ فيه من التثنيَة والجمعِ وقالوا كأسٌ دِهَاق وأكْؤُس دِهَاق وُصِفَ بالمصدَر الموضُوعِ مَوْضعَ إدْهاق وقد كان يجوز
__________________
(١) قلت لقد أفرط على بن سيده فى الخطا إفراطا تجاوز فيه الحدّ على عادته فى نسبته الأبيات إلى غير قائليها وذلك قوله وقد قالوا فى قول الأسود بن عبد يغوث ألم تعلما أن الملامة بنفعها * الخ والصواب وهو الحق المجمع عليه أن الأسود بن عبد يغوث قرشى زهرى ابن خال رسول الله صلىاللهعليهوسلم أحد كبار المستهزئين لم يعدّ من شعراء قريش ولم يقل هذا البيت قولا واحدا بالاجماع وانما قائله هو عبد يغوث بن وقاص اليمنى الحارثى قاله بعدما أسرته تيم الرباب يوم الكُلاب كُلاب تميمٍ واليمن من جملة قصيدة مشهورة مفضلية يعير قومه بها ويرثى نفسه مطلعها قوله ـ ـ