فهو بعينه مقدور لذاك. وإن وقع ذلك المقدور ، فإما أن يقع بهما معا ، وإما أن يقع [بواحد منهما ، واما أن يقع (١)] بأحدهما دون الثاني. والأقسام الثلاثة باطلة ، فالقول بوجود الإلهين باطل. إنما قلنا : إنه يمتنع وقوعه بهما معا. وذلك لأن هذا القادر لما كان مستقلا بالإيقاع وصار ذلك الفعل مع هذا الفاعل واجب الوقوع به ، ووجوب وقوعه به يمنعه من الاستناد إلى الثاني ، ووجوب وقوعه بالثاني يمنعه من الاستناد إلى الأول. فإذا اجتمعا عليه ، لزم أن يكون وجوب وقوعه بكل واحد منهما مانعا من وقوعه بالثاني ، فيلزم أن يكون واقعا بهما ، حال ما يمتنع كونه واقعا بكل واحد منهما [وذلك يوجب الجمع بين النقيضين ، وهو محال. وإنما قلنا : إنه يمتنع أن لا يقع بواحد منهما (٢)] لأن المانع من وقوعه بهذا ليس إلا وقوعه بذاك وبالضد. والأثر لا يوجد إلا عند حصول المؤثر ، فلو امتنع بهما معا ، لزم أن يقع بكل واحد منهما حتى يكون وقوعه بهذا مانعا من وقوعه بذاك وبالضد. وحينئذ يلزم أن يكون واقعا بكل واحد منهما. فالحاصل : أن في القسم الأول : وقوعه بكل واحد منهما ، يمنع من وقوعه بهما. وفي الثاني عدم وقوعه بهما [يقتضي وقوعه بهما (٣)] من حيث أن الأثر لا يوجد إلا عند حصول المؤثر ، والمؤثر في امتناع وقوعه بكل واحد منهما هو وقوعه بالآخر. وإنما يمتنع وقوعه بأحدهما دون الثاني ، لأنهما لما استويا في التأثير وفي القوة ، كان وقوعه ، بأحدهما دون الآخر رجحانا لأحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح ، وهو محال.
وأعلم. أن الفرق بين هذه الطريقة وبين الطريقة المتقدمة : هو أنا في هذه الطريقة تكلمنا فيما إذا اجتمعا على إيجاد مقدور واحد ، وفي الطريقة الأولى تكلمنا فيما إذا أراد كل واحد منهما أحد الضدين ، دون إرادة (٤) الآخر.
الحجة الثالثة في المسألة : قالوا : لو قدرنا إلهين عالمين ، بكل
__________________
(١) من (و).
(٢) من (و).
(٣) من (س).
(٤) إرادة (س).