الفصل الخامس
في
بيان أنه يمتنع أن يكون واجب الوجود
مختصا بمكان وحيّز
نقول : إن الذي يدل على أن الأمر كذلك وجوه :
الحجة الأولى : لو كان مشارا إليه بالحس ، لكان إما أن يكون منقسما بحسب الإشارة الحسية ، وأما أن لا يكون. والقسمان باطلان. فالقول بكونه في المكان والجهة : باطل. أما الحصر فظاهر ، وأما أنه يمتنع أن يكون قابلا للقسمة : فلأنه يلزم أن يكون جسما مؤلفا من الأجزاء ، وقد أبطلناه. وأما بيان أنه يمتنع كونه غير قابل للقسمة فلوجوه :
الأول : إن كل متحيز فإن يمينه غير يساره. وكل ما كان كذلك فهو منقسم.
والثاني : إن أحدا من العقلاء لم يقل : إن إله العالم بلغ في الصغر والحقارة إلى حد الجوهر الفرد.
والثالث : إنه لو جاز ذلك لم يمتنع أن يكون ذرة من الذرات الواقعة من الجوهر : إله العالم. ومعلوم أنه [باطل بالبديهة ، فثبت أنه (١)] لو كان مشارا إليه بحسب الحس لكان إما أن يكون منقسما ، أو غير منقسم ، وثبت فساد القسمين ، فيثبت أنه [لا يمكن أن يكون مشارا إليه بحسب الحس. فإن قيل :
__________________
(١) من (س).