هو الوجوب لكان كل من علم كون الله تعالى موجودا ، وجب أن يلزم من ذلك العلم ، علمه بكونه تعالى مجانبا لغيره أو مباينا لحيزه بالجهة ، ومعلوم أن ذلك باطل. لأن جمهور أهل التنزيه على كثرتهم وقوة خواطرهم ، يعلمون كونه تعالى موجودا ، مع أنه لا يخطر ببالهم البتة وجوب كونه تعالى إما مجانبا للعالم أو مباينا عنه بالجهة. فبطل قولهم.
وأما قوله ثالثا : «كونه محدثا وصف معلوم بالدليل ، وكون السموات إما مجانبة للأرض ، أو مباينة عنها بالجهة معلوم بالضرورة ، والشيء المعلوم بالضرورة لا يمكن تعليله بالشيء الذي لا يعلم إلا بالنظر» قلنا : فهذا ممنوع ، فإنا بينا في كثير من الأشياء : أن الأثر معلوم بالضرورة ، والاستدلال معلوم بالنظر.
السؤال السابع : سلمنا أن المؤثر في هذا الحكم [ليس (١)] هو الحدوث. وأنه هو الوجود. لكن لم قلتم : يلزم حصول هذا الحكم في حق الله تعالى؟ وبيانه : أن هذا المطلوب إنما يلزم لو كان وجود الله تعالى مساويا لوجود الممكنات. وهذا إنما يصح إن قلنا : إن وجود الله تعالى صفة قائمة بماهيته. والكرامية لا يقول أكثرهم بذلك.
السؤال الثامن : إنه قد يحصل المقتضى ، ولكن يتخلف عنه الحكم. إما لأن المحل غير قابل ، وإما لأن الشرط فائت ، ألا ترى أن كون الحي حيا يصحح قبول الشهوة والنفرة والألم واللذة والجهل والموت. ثم إنه تعالى حيّ ، مع أن شيئا من هذه الأحكام لا يصح عليه ، إما لأن ذاته تعالى غير قابلة لهذه الأحكام ، أو لأن قبول هذه الأحكام موقوف على شرط ، يمتنع حصوله في حق الله تعالى. فلم قلتم : لا يجوز أن يكون الأمر هاهنا كذلك؟.
السؤال التاسع : [إن ما ذكرتم إن دل على أن المقتضى لقبول هذه القسمة هو الوجود فههنا ما يدل على أنه ليس الأمر كذلك ، فإنه لو كان (٢)]
__________________
(١) من (س).
(٢) من (و).