وأما الثالث : وهو معرفة السلوب. فهي مثل علمنا بأنه تعالى ليس بمتحيز ، ولا في مكان ، ولا حال ، ولا في محل ، ولا ملون ، ولا يكيف ، ولا مركب ، ولا مبعض.
وأما الرابع : وهو معرفة الإضافات فهو مثل علمنا بأنه يصح منه الفعل والترك. وهذه الصحة إضافة مخصوصة ، ومثل علمنا بكونه عالما ، والعلم عبارة عن إضافة مخصوصة بين العالم وبين المعلوم. فهذه الأنواع الأربعة من المعارف حاصلة للعقول البشرية.
المقدمة الثانية : إن العلم بهذه المعلومات ليس علما بالذات المخصوصة ، التي هي ذات الله تعالى. أما العلم بالوجود فليس هذا العلم علما بذات الله لأنا قد دللنا على أن وجود الله صفة قائمة بذات الله تعالى ، وأما العلم بكونه واجب الوجود لذاته ، وبكونه دائم الوجود ، فذلك أيضا ليس علما بالذات المخصوصة ، لأنا بينا أن العلم بالوجوب علم بكيفية مخصوصة من كيفيات ذلك الوجود ، وذلك العلم [بالدوام ، علم بكيفية مخصوصة من كيفيات ذلك الوجود ، ولما ثبت أن العلم (١)] بالوجود ، ليس نفس العلم بتلك الذات المخصوصة ، فالعلم بكيفيات ذلك الوجود أولى أن لا يكون نفس العلم بتلك الذات المخصوصة. وأما العلم بتلك السلوب ، فهو ليس نفس العلم بتلك الذات المخصوصة. لأنا إذا قلنا : إنه ليس بجوهر ، ولا بعرض ، فالمفهوم منه : سلب الجوهرية والعرضية. وذاته المخصوصة ، ليست عبارة عن عين هذه السلوب ، والعلم به ضروري.
وأما العلم بتلك الإضافات ، فليس هو نفس العلم بتلك الذات المخصوصة ، لأن الإضافات الحاصلة بين الشيئين ، مغاير لهما معا. فالعلم بتلك الإضافة لا يكون نفس العلم بتلك الذات المخصوصة. فثبت بما ذكرنا : أن هذه العلوم الأربعة ليست عبارة عن العلم بتلك الذات المخصوصة. وأما بيان أن العلم بهذه المعلومات الأربعة ، لا يوجب العلم بالذات المخصوصة ،
__________________
(١) من (و).