غيرها : علم أيضا بأمر كلي مشترك فيه ، وذلك لأن بتقدير أن يكون ذلك الواحد هو الألف كان ذلك الحكم صادقا [وبتقدير أن لا يكون ذلك الواحد هو الألف بل كان هو الباء ، بدلا عن كونه ألفا ، كان ذلك الحكم أيضا صادقا (١)].
فيثبت بهذا : أن ذلك المعلوم لا يمنع من وقوع الشركة فيه [وأما تلك الذات المخصوصة من حيث إنها تلك الذات المعينة ، فإنها مانعة من وقوع الشركة فيه (٢)] فعلمناه أن العلم بأنها ذات واحدة ، غير قابلة للشركة ، لا يكون علما بتلك الذات المعينة المخصوصة.
الحجة السادسة : قال المتقدمون : إنه تعالى غير متناهي ، والعقول البشرية متناهية ، والمتناهي يمتنع أن يحيط بغير المتناهي. وتفسير هذا الكلام : إن من جملة صفات الله تعالى كونه قديما أزليا ، فإذا أردنا أن يحيط عقلنا بالأزل. ففرضنا مائة ألف ألف سنة ، ونحسب كل لحظة ولمحة من هذه المدة الطويلة ، وفرضنا مائة ألف ألف سنة ، وبالغنا في استحضار هذه الأعداد في عقولنا وأفكارنا وإن كانت مع كثرتها متناهية محدودة ثم أسقطناها من معنى الأزل بقى الأزل كما كان ، من غير أن ينتقص منه شيء ، وإذا كان الأمر كذلك ، فحينئذ ظهر أن كل ما تصل إليه عقولنا وأفكارنا فإنه متناهي. وكل متناهي فإنه خارج عن الأزل. وهذا يفيد أن عقلنا لا يصل البتة إلى تصور معنى الأزل ، بل كل ما يتصوره فإنه يكون خارجا عن معنى الأزلية. وإذا ظهر بهذا البيان [عجز عقول الخلق ، عن معرفة هذه الصفة الواحدة ، وهي معنى الأزلية (٣)] فبأن تكون العقول عاجزة عن معرفة الموصوف ، كان ذلك أليق وأحق.
الحجة السابعة : قالوا : العلم نوع استيلاء على المعلوم ، ألا ترى أن من لم يكن عالما بشيء كانت روحه بالنسبة إلى ذلك المعلوم ، كالعاجز المقهور ، فإذا علمه وأحاط به صار كالمستولى عليه ، والقاهر له؟ إذا ثبت هذا فنقول : لو
__________________
(١) من (و).
(٢) من (و).
(٣) من (و).