فالمؤثر في التسخين ، يبقى موصوفا أبدا ، بالوجه الذي لأجله كان موجبا للتسخين ، ولا يتغير عنه ، وكذلك القول فيما يؤثر في التبريد ، بخلاف الأحوال الاختيارية ، فإن الموجب للحركة يمنة ، هو مجموع القدرة مع الداعي إلى تلك الحركة المخصوصة والموجب للحركة يسرة، هو مجموع القدرة مع حصول الداعي إلى الحركة يسرة ، وهذه الدواعي سريعة التبدل والتغير ، فالقادر إذا حصل في قلبه داعية الحركة يمنة ، صارت القدرة مع تلك الداعية ، موجبا للحركة يمنة. ثم إن تلك الداعية تتغير (١) سريعا ، وتحصل الداعية إلى الحركة يسرة. فيصير الآن هذا المجموع موجبا للحركة يسرة. فالحاصل : أن في الأمور الطبيعية ، ما لأجله صار موجبا للتسخين ، يبقى ولا يتغير. وأما في الأمور الاختيارية ، فتلك الاختيارات سريعة التبدل والتغير. فهذا هو أحد الفرقين بين المؤثر المختار ، وبين المؤثر الموجب ، في الشاهد.
وأما الفرق الثاني فهو أن المؤثرات الطبيعية ، لا شعور لها بما يصدر عنها ، وأما المؤثرات التي تؤثر بالاختيار ، فهي إنما تؤثر بواسطة العلم والشعور ، فإنه ما لم يحصل تصور أن ذلك الفعل يفيد نفعا وخيرا ، لم يحصل الرغبة فيه. ولهذا السبب ، سمي هذا الفعل فعلا اختياريا ، وسمي هذا الفاعل فاعلا مختارا.
فهذان الوجهان يوجبان الفرق بين الموجب بالذات وبين الفاعل المختار.
وأما في حق الله تعالى ، فالتغير [عليه] (٢) في ذاته وفي صفاته : محال. فلم يبق الفرق المعتبر ، إلا الوجه الأخير [والله أعلم] (٣)
الحجة الرابعة : في بيان [أن] (٤) القدرة. بمعنى حصول المكنة من الفعل والترك بالسوية : محال.
__________________
(١) تزول (ت)
(٢) من (ط ، س)
(٣) من (ت)
(٤) من (ط ، س)