عدمه ، كان ممتنع الوقوع ، وهذا يقتضي أن يقال : إنه تعالى يؤثر (١) في بعض الماهيات على سبيل الوجوب ، ويمتنع كونه مؤثرا في بعض الماهيات على سبيل الوجوب. فأما المكنة من الفعل والترك على سبيل السوية (٢) فهي ممتنعة الحصول.
الحجة السادسة : أن نقول (٣) : القول بكون المؤثر قادرا بالتفسير الذي يذكرونه ، يفضي إلى التناقض ، فكان القول به باطلا. وإنما قلنا : إنه يفضي إلى التناقض. وذلك لأن كون القادر قادرا على المقدور ، موقوف على التمييز وذلك المقدور عن غيره ، لأنه لو لا سبق [هذا] (٤) الامتياز وإلا لامتناع القصد على إيجاد بعض المقدورات دون بعض. فهذا يقتضي أن يكون تعين ماهية المقدور ، وامتيازها عن غيرها : سابقا على تعلق تلك القدرة بها. وأيضا : المقدور وإنما يكون مقدورا ، لو كان وقوعه وحصوله بالقدرة. وهذا يقتضي أن يكون تعينه وتميزه عن غيره ، متأخرا عن تعلق تلك القدرة [به (٥)] وإذا كان كذلك ، فهذا يقتضي أن يكون تعين المقدور وتميزه عن غيره ، سابقا على تعلق تلك القدرة به ، ومتأخرا عن تعلق تلك القدرة : محالا. فإن قيل : لم لا يجوز أن يقال : ماهية المقدور. متقدمة على تعلق (٦) القدرة به ، ووجوده متأخر عن تعلق القدرة [به (٧)] كما هو مذهب القائلين بأن المعدوم شيء. وأيضا : فهذا الذي أوردتموه في القادر ، قائم بعينه في الموجب.
والجواب عن الأول : إنه إذا كانت الماهية (٨) [مفتقرة إلى الوجود والعدم] وحال الوجود كانت ممتنعة الفناء والزوال في نفسها ، لم تكن الماهية
__________________
(١) مؤثر (ط)
(٢) التسوية (ت)
(٣) قالوا (ت)
(٤) من (ط ، س)
(٥) من (س)
(٦) تلك (ط)
(٧) من (ط ، س)
(٨) الماهية متقرر حال العدم ، وحال الوجود ، وكانت ممتنعة الفناء .. الخ (ت)