فهذا أحد عشر وجها ، في تقرير أن القول بالقادر على التفسير الذي ذكروه (١) : محال. وإذا ثبت هذا ، ظهر أن تأثيره تعالى في تكوين العالم ، وفي تكوين سائر آثاره إنما كان لعين (٢) ذاته ، أو للأمور اللازمة لذاته. وقد اتفق الكل على أنه متى كان الأمر كذلك ، فإنه يلزم من قدمه الآثار والأفعال والنتائج. ولهذا السبب ، فإن المتكلمين بعد أن أقاموا الدلالة على حدوث العالم ، قالوا : لو كان المؤثر في [حدوث] (٣) العالم موجبا بالذات. لزم من قدمه ، قدم العالم. وذلك يدل على أنهم كانوا معترفين بأن [كل ما] (٤) كان تأثيره لذاته ، لزم من دوامه ، دوام الأثر. وأيضا : فإذا كان [المؤثر] (٥) الموجب بالذات حاصلا. مع أنه كان منفكا عن الأثر ، مدة [غير] (٦) متناهية. ثم حصل الأثر بعد ذلك ، من غير أن اختص ذلك الوقت ، بإرادة معينة ، أو بنوع آخر من الأمور المقتضية للرجحان. فحينئذ يكون ذلك الحدوث في ذلك الوقت : حدوثا ، لا لمؤثر أصلا ، بل محض الاتفاق ، وذلك : باطل : فيثبت : أنه يلزم من دوام الموجب بالذات ، دوام الأثر والنتيجة. والله أعلم.
ونختتم هذه المقالة [بخاتمة] (٧) وهي أن الفلاسفة قالوا : سلمنا : أن القادر هو الذي (٨) إن شاء أن يفعل فعل ، وإن شاء أن يترك ترك. إلا أن هذا لا يقتضي صدق قولنا : إنه تعالى إن شاء (٩) الفعل تارة ، والترك أخرى. ويدل عليه وجهان :
__________________
(١) ذكره (ط)
(٢) لغير (ت)
(٣) من (ط ، س)
(٤) من (ت)
(٥) من (ط ، س)
(٦) من (س)
(٧) من (س)
(٨) إن شاء يفعل (ت)
(٩) إن شاء (ت)