يجوز ، لو كان الإحسان ممكنا في نفسه. أما إذا كان ممتنعا في نفسه محالا في ذاته ، لم يلزم منه النقص والإيجاد في الأزل : محال. لأنه عبارة عن الإخراج من العدم إلى الوجود ، وذلك لا يتقرر إلا فيما يكون مسبوقا بالعدم. والأزل ينافي المسبوقية ، فكان الجمع بينهما محالا. وهذا الكلام بعينه ، هو الجواب عن الحجة الثانية.
وأيضا : فالنقص إنما يلزم [أن] (١) لو لم يكن قادرا على تحصيل الملك والملكوت ، وهو تعالى في الأزل [كان] (٢) قادرا على تحصيله ، فلم يلزم من عدم الملك والملكوت نقصان. وأيضا : فكل واحدة من هاتين الحجتين منقوض بحدوث الأشخاص المعينة ، وحدوث الحوادث اليومية.
وأجابوا عن السؤال الأول : بأن هذا [الكلام] (٣) إنما يتم إذا قلنا مسمّى الأزل مانع من الإيجاد والتكوين. وقد بينا بالدلائل القاطعة : أن ذلك باطل. على أنا نقول : إن هذا المانع كان زائلا قبل أن خلق الله العالم بتقدير مائة سنة ، فكان الإلزام عائدا إليه (٤)
وأما السؤال الثاني : فباطل أيضا. لأن الأزل عندهم مانع من صحة الفعل ، وعلى هذا التقدير لم يكن الله متمكنا من تحصيل الملك والملكوت [في الأزل] (٥) ولا معنى للفقير الضعيف إلا ذلك. وهذا أيضا يوجب العيب والضعف من وجه آخر ، وهو أن الامتناع من الإحسان في حق من كان قادرا على الإحسان ، ولا يضره ذلك الإحسان بوجه من الوجوه ، أقوى في العيب والنقصان منه في حق من لم يقدر عليه. فإذا قلتم (٦) : إله العالم كان قادرا على
__________________
(١) من (ط)
(٢) (ط ، س)
(٣) من (ط ، س)
(٤) فيه (ت)
(٥) من (ت)
(٦) فإذا قلتم : إن كان قدرا (ت)