الثالث : إن العلم بأن الشيء الفلاني موجود ، وبأن الشيء الفلاني معدوم : تبع للمعلوم. فلو كان واجب الاتصاف بالعلم بالجزئيات [وقد ثبت : أن العلم بالجزئيات (١)] متوقف على وقوع تلك الجزئيات ، على تلك الوجوه المخصوصة. فحينئذ ذاته مما يمتنع وجودها (٢) إلا عند حصول تلك العلوم. ثم إن تلك العلوم متوقفة التحقق على حصول تلك المعلومات الخارجية ، والموقوف على الموقوف على الشيء [موقوف على الشيء (٣)] فيلزم أن تكون ذاته موقوفة على الغير ، والموقوف على الغير : ممكن لذاته ، فيلزم أن يكون واجب الوجود [لذاته (٤)]. وهو محال.
واعلم أن هذه الوجوه الثلاثة في نفي علمه تعالى بالجزئيات قد سبق ذكرها بالاستقصاء مع الأجوبة الوافية.
الحجة الثانية من الوجوه المبنية على العلم : أن نقول : إما أن يكون الحق هو أنه [سبحانه غير عالم بالجزئيات. وإما أن يكون هو أنه (٥)] سبحانه عالم بالجزئيات. وعلى التقديرين فإنه يجب كونه موجبا بالذات. ثم يلزم من دوامه : دوام المعلومات (٦) أما إذا كان الحق هو القسم الأول ، وهو أنه غير عالم بالجزئيات. فعلى هذا التقدير ، يمتنع كونه قاصدا إيجاد العالم. لأن هذا القصد إنما يمكن حصوله ، لو كان عالما بأنه معدوم ، ثم إنه يريد أن يجعله موجودا. فعلى تقدير أن لا يكون عالما بالجزئيات ، امتنع حصول هذا العلم ، فامتنع حصول القصد المذكور ، فامتنع منه أن يقصد إلى إيجاده وإحداثه وتكوينه. وأما إذا كان الحق (٧) هو القسم الثاني ، وهو أنه تعالى عالم بالجزئيات. فنقول : فهذا يقتضي
__________________
(١) من (س)
(٢) وجود (ط)
(٣) من (ط ، س)
(٤) من (ط ، س)
(٥) من (ط) وفيها تعالى بدل سبحانه
(٦) المعلومات (ط)
(٧) المؤثر (ط)