وإما أن لا يكون. وعلى التقديرين فإنه يلزم أن يكون موجبا بالذات. ومتى كان الأمر كذلك، لزم من دوام الموجب ، دوام المعلول.
الحجة الثالثة من الوجوه المبنية على العلم : أن نقول : هذه الماهيات كانت معلومة لله في الأزل بالاتفاق ، وكل ما كان معلوما ، فإنه لا بد وأن يكون ذلك المعلوم : متميزا عما عداه ، بخاصيته المخصوصة ، وماهيته النوعية. ومتى حصل هذا الامتياز بين الماهيّات ، وجب كونها ثابتة. لأن النفي المحض ، والعدم الصرف ، لا يحصل فيه الامتياز والاختلاف. فيثبت : أن هذه الماهيات ، كانت موجودة في الأزل. فنقول : إنها إما أن تكون موجودة في ذات العالم ، أو كانت موجودة وجودا مباينا عن ذات [من كان] (١) عالما بها والأول باطل. لأن العلم بالسواد والبياض والاستقامة والاستدارة ، لو كان موقوفا على حصول هذه الماهيات ، في ذات العالم بها : لزم أن يكون ذلك العالم أسود ، أبيض ، مستقيما ، ومستديرا. لأنه [لا] (٢) معنى للأسود والأبيض ، إلّا الذي حصل فيه السواد والبياض ، إلا أن ذلك : محال. لوجهين :
الأول : إنه يوجب اجتماع الضدين في المحل (٣) الواحد. وهو محال.
الثاني (٤) : إن من كان أسود ، أبيض ، مستقيما ، مستديرا : كان جسما ، وذلك في حق واجب الوجود لذاته [محال] (٥) فيثبت : أن هذه الماهيات موجودة (٦) خارجة عن ذات الله تعالى. ولما ثبت [أن العلم] (٧) بهذه الماهيات يتوقف على وجود هذه المعلومات ، وثبت أن العلم بها حاصل في الأزل : وجب القطع بحصول هذه المعلومات في الأزل. وهو مطلوب.
__________________
(١) من (ت)
(٢) من (ط ، س)
(٣) محل واحد (ت)
(٤) من (ت)
(٥) من (ت)
(٦) موجود خارج ذات الله (ت)
(٧) من (ط ، س)