فإن قيل : لا نسلم أن العلم بالشيء ، يتوقف على كون ذلك المعلوم موجودا. والدليل عليه : أنا إذا علمنا أن شريك الإله : ممتنع. فهذا الحكم لا يمكن حصوله إلا بعد تصور ، أن شريك الإله ما هو؟ فلو كان حصول هذا التصور ، موقوفا على حصول (١) المتصور ، لزم أن يكون شريك الإله موجودا. وعلى هذا التقدير ، يلزم من الحكم على شريك الإله بكونه ممتنعا : الحكم عليه بكونه واجب الحصول. وذلك متناقض.
ثم نقول : لا نزاع (٢) أن الله تعالى كان عالما بحقائق الأشياء في الأزل. لكن لم قلتم : إن العلم بالشيء ، يستدعي كون المعلوم متميزا عن غيره ، في علم ذلك العالم؟ ألا [ترى] (٣) أنا إذا علمنا : أن لنا في هذا البلد أختا من الرضاع ، مع أنا لا نعلمها (٤) بعينها. فههنا العلم بهذا المعلوم : حاصل. مع أن هذا المعلوم ليس متميزا [عن غيره] (٥) في علم ذلك العالم [فيثبت : أن العلم بالشيء ، لا يقتضي كون المعلوم متميزا عن غيره ، في علم ذلك العالم. ونقول : سلمنا أنه لا بد وأن يكون المعلوم متميزا عن غيره ، في علم العالم (٦)] فلم قلتم : إن ذلك الامتياز يجب حصوله ، حال حصول العلم؟ ولم لا يجوز أن يقال : إنه يكفي في حصول العلم في الحال ، حصول (٧) ذلك التميز ، إما في الحال ، وإما في المستقبل؟ وبيانه : أنه تعالى عالم بحقائق الجواهر والأعراض في الأزل [ثم] (٨) إن الجواهر والأعراض ، وإن لم [تكن] (٩) حاصلة في الأزل ، ولا متميزا بعضها عن بعض في الأزل ، إلا أنه مما ستوجد في لا يزال. ثم إنها إذا صارت موجودة وحاصلة ، كان بعضها متميزا عن البعض. فلم قلتم : إن هذا القدر من الامتياز ، لا يكفي في حصول العلم (١٠) الأزلي ، بكون هذه
__________________
(١) وجود (ت)
(٦) من (ت)
(٢) أنه تعالى (ت)
(٧) حال حصول (ت)
(٣) من (ت)
(٨) من (ط ، س)
(٤) نعلم (ت)
(٩) من (ط ، س)
(٥) من (ت)
(١٠) العلم. ألا ترى كون ... الخ (ت)