الأول : إن القائلين بأن المعدوم شيء ، لا يقولون : الفلك من حيث إنه فلك ثابت في العدم ، والجبل من حيث إنه جبل في العدم. إنما يقولون : ذلك في الماهيات البسيطة ، كالسواد والبياض والجوهر.
والثاني : إنكم سلمتم : أن هذه الماهيات ثابتة في أنفسها ، خارج الأذهان. فلا معنى للوجود إلا ذلك. والذي يدل على ما قلناه : أن هذه الماهيات بتقدير أن تكون ثابتة في أنفسها ، متقررة في حقائقها ، فإنها متشاركة في كونها متقررة [محصلة (١)] خارج الذهن ، ومختلفة بخصوصياتها. وما به المشاركة غير ما به المخالفة. فيلزم : أن يكون كونها ثابتة في أنفسها متقررة (٢) في حقائقها : أمرا زائدا على كل ما لكل واحد منها من الحقيقة المخصوصة. فيثبت : أن هذه الماهيات بتقدير أن يقال : إنها متقررة في أنفسها ، فإنها لا بدّ وأن تكون موصوفة بصفة الوجود.
وأما السؤال السادس : وهو قوله : «لم لا يجوز أن تكون هذه المعلومات صورا ذهنية»؟ فالجواب : [ما ذكرنا] (٣) [وهو] (٤) أنه لو كان كذلك ، لكان العالم بالاستقامة والاستدارة : مستقيما مستديرا. وهو محال.
أما قوله : «المرتسم في الذهن صورة المعلوم ومثاله» قلنا : هذا باطل ، وذلك لأن المعلوم هو [تمام] (٥) تلك الماهية. فإذا دللنا على أن ذلك المعلوم لا بد وأن يكون موجودا [ثم قلنا : إنه إما أن يكون موجودا (٦)] في الذهن [أو في الخارج ، فبتقدير أنه يبطل كونه في الخارج ، وجب أن يكون موجودا في الذهن (٧)] فحينئذ يجب أن تكون تلك الماهية بتمامها حاصلة في الذهن ، وحينئذ يعود الإلزام.
__________________
(١) من (ت)
(٢) متصورة (ط ، س)
(٣) من (ت)
(٤) من (ت)
(٥) زيادة
(٦) من (ط ، س)
(٧) من (س)