محل الجسم : جسما. وهو محال. وإن لم يكن مختصا بالحيز [فالجسم المختص بالحيز (١)] يمتنع حلوله في موجود غير مختص بالحيز ، والعلم به بديهي. وهذا تمام تقرير هذه المقدمات.
فإن قيل : لا نسلم أن الحادث لا يحدث إلا عن مادة سابقة. والذي يدل على بطلان هذه المقدمة وجوه :
الأول : إن حدوث الشيء عن شيء آخر محال. لأن الشيء الأول إن كان باقيا ، فلم يحدث عنه شيء آخر. وإن لم يبق ، وحدث شيء آخر ، فهذا الشيء حدث عن العدم. وذلك الأول قد عدم ، فلم يحدث عن شيء. فظهر أن حدوث شيء عن شيء آخر: محال باطل.
الثاني : لا شك أن الجسم إذا تحرك بعد سكون ، فلا يمكن أن يقال : حدثت هذه الحركة عن حركة [أخرى (٢)] سابقة عليها. وذلك ظاهر. ولا عن السكون السابق ، لأن الحركة منافية للسكون ، والشيء لا يتكون مما ينافيه. فيثبت أن هذه الحركة حدثت ، لا عن شيء ، بل عن محض العدم.
الثالث : إنه كما يستبعد [حدوث الشيء عن العدم المحض ، فكذلك يستبعد (٣)] حدوث الجسم عن شيء غير متحيز ، وعندكم الهيولى جوهر غير متحيز.
الرابع : إن هذه المادة محل التغيرات ، وكل ما كان كذلك ، فهو حادث على ما سيأتي تقريره فهذه المادة حادثة ، فلو افتقر الحادث إلى المادة ، لزم التسلسل. فيثبت بهذه الوجوه الأربعة : فساد قول من يقول : «الحادث [لا يحدث (٤)] إلا عن مادة سابقة»
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) من (س)
(٣) من (س)
(٤) من (ت)