وإن كان الثاني ، كان حاصل هذا الكلام : أن في نفس الأمر ، ليس المؤثر مؤثرا في الأثر ، وليس الذات موصوفة بالصفة ، وليس مثلا للسواد ، ولا ضدا للبياض ، ولا مخالفا للحركة ، وذلك دخول في السفسطة وفي الجهالة. فعلمنا : أن الحق إما التزام محض السفسطة ، وإما التزام التسلسلات ، والاعتراف بدخول ما لا نهاية له في الوجود ، وذلك هو المطلوب.
فهذا هو تقرير وجه السؤال على الدليل المذكور.
ثم نختم الكلام في هذه السؤالات بكلام آخر : وهو أنا نقول : دليل الشفع والوتر في غاية الخساسة. وذلك لأن العدد الذي يوصف بكونه شفعا أو وترا ، هو العدد المتناهي. فأما بتقدير كون العدد غير متناه ، فإنه يمتنع وصفه بكونه شفعا أو وترا. وعلى هذا لا يمكن وصف العدد بكونه شفعا أو وترا ، إلا إذا كان متناهيا. وأنتم بينتم كونه متناهيا ، على كونه شفعا أو وترا. وذلك يوجب الدور. وهذا [أيضا (١)] هو الاعتراض على قوله : «إن كل عدد ، فإن نصفه أقل من كله» وذلك لأن العدد الذي له نصف ، هو العدد المتناهي ، فما لم يثبت كون العدد متناهيا ، امتنع أن يفرض له نصف. وأنتم تثبتون كونه متناهيا ، بالبناء على إثبات النصف [له (٢)] وذلك يوجب الدور. فهذا تمام الكلام في تقرير السؤال. [والله أعلم (٣)]
والجواب : أما السؤال الأول : وهو قوله (٤) : «الحركة الفلكية شيء واحد متصل ، وليس لها أعداد وأبعاض»
فنقول : لنا في الجواب عنه وجوه :
الأول : إن أجزاء الحركة. بعضها ماضية ، وبعضها مستقبلة ، وهما معدومان في الحال ، والجزء الماضي هو الذي وجد وفني ، بعد وجوده. والجزء
__________________
(١) من (ط)
(٣) من (ط)
(٢) من (ت ، ط)
(٤) قولهم (ط ، س)