المستقبل هو الذي لم يوجد ، وسيصير موجودا ، وإذا اختلفت خواص الأجزاء المفترضة في تلك الحركة اختلافا على سبيل الوجوب ، وجب الاعتراف بحصول الأجزاء والأبعاض.
الثاني : إن الحركة ماهيتها التغير من حال إلى حال ، ولا شك أن الحالة المتنقل عنها ، مغايرة للحالة المتنقل إليها. وذلك يوجب التغير والتعدد.
الثالث : إن في كل دورة ، حصول للكوكب طلوع من المشرق ، ووصول إلى نصف النهار ، وغروب في المغرب. ولا شك أن هذه الأحوال متغايرة متعددة. وحينئذ يحصل الغرض [والله أعلم (١)]
وأما السؤال الثاني : وهو قوله : «مجموع الحوادث لا وجود له البتة ، وما لا وجود له ، يمتنع الحكم عليه بقبول الزيادة والنقصان».
فنقول : لنا في الجواب عنه وجوه :
الأول : إن قولنا : مجموع الحوادث قد وجد. أعم من قولنا : مجموع الحوادث قد وجد بصفة الاجتماع. والدليل عليه : أن القائل إذا قال : رأيت جملة أهل البلد. فإنه يصح أن يقال [له (٢)] : أرأيت جملتهم بصفة الاجتماع أو لا بصفة الاجتماع؟ وذلك يدل على أن المفهوم من رؤيتهم بجملتهم ، أعم من المفهوم من رؤية جملتهم صفة الاجتماع. فكذلك قولنا : جملة الحوادث الماضية قد وجدت ، أعم من قولنا : إن جملة الحوادث الماضية قد وجدت بصفة الاجتماع. وأنتم إنما أبطلتم هذا المفهوم الخاص. وظاهر : أنه لا يلزم من كذب الخاص ، كذب العام. فثبت : أنه لا يلزم من كذب قولنا : جملة الحوادث الماضية وجدت بصفة الاجتماع : كذب قولنا : جملة الحوادث قد وجدت. بل نقول : الدليل على أن جملة الحوادث قد وجدت : أنه يصدق قولنا : إن جملة الحوادث قد وجدت بصفة الافتراق والتعاقب. وقولنا : جملة
__________________
(١) من (ت ، ط)
(٢) من (ط)