الحوادث قد وجدت ، جزء من قولنا : جملة الحوادث قد وجدت بصفة الافتراق. ومتى صدق المركب ، فقد صدقت أجزاؤه لا محالة. فوجب أن يصدق قولنا : إن جملة الحوادث قد وجدت.
فالحاصل : أنهم أقاموا الدليل على بطلان الخاص ، ثم استدلوا به على بطلان العام. وذلك باطل. وأما نحن فقد أقمنا الدلالة على صدق الخاص ، ثم استدللنا به على صدق العام. وذلك (١) حق.
والوجه الثاني : إن قولهم : «إن جملة الحوادث الماضية ، لا يصح الحكم عليها البتة» : كلام متناقض من وجوه :
الأول : إنهم حكموا بامتناع الحكم عليها. فهذا حكم على تلك الجملة بهذا الامتناع. فيلزم من هذا الاعتبار.
والثاني : إنا إذا قلنا : الأحوال الماضية لا نهاية لها. فهذه قضية. [ولكل قضية (٢)] موضوع ومحمول. فالموضوع في هذه القضية ، إما كل واحد من تلك الأحوال الماضية ، وهو ظاهر الفساد. لأن كل واحد منها لا يصدق عليه أنه أمور متناهية. وإما كل تلك الأمور وجملتها. وحينئذ يكون هذا اعتراف بأنه يمكن الحكم على ذلك [الحكم (٣)] وعلى تلك الجملة ، بأحكام معلومة. وذلك يبطل قولهم : إنه لا يمكن الحكم عليه البتة.
والثالث : إنهم يقولون : الأحوال الماضية دائمة مستمرة من الأزل إلى الأبد. فالمحكوم عليه بالاستمرار من الأزل إلى الأبد : ليس هو كل [واحد (٤)] من تلك الحوادث بل مجموعها. وذلك يناقض قولهم : إن ذلك المجموع لا يمكن الحكم عليه.
__________________
(١) وهو (ت ، ط)
(٢) من (ط)
(٣) من (ط)
(٤) من (ط)