والثاني : بيان أن كل سكون ، فإنه جائز الزوال.
والثالث : أن كل ما كان جائز الزوال ، فإنه يمتنع كونه أزليا.
وعند إثبات هذه المطالب [الثلاثة (١)] يظهر : أنه يمتنع كون الجسم ساكنا في الأزل.
فترتب هذا المطلوب على ثلاث مسائل :
المسألة الأولى في إثبات أن السكون يجب أن يكون صفة موجودة : اتفق المتكلمون على أن الأمر كذلك. واتفقت الفلاسفة على أن [معنى (٢)] السكون : لا معنى له إلا عدم الحركة عما من شأنه أن يتحرك.
واحتج المتكلمون على أن السكون صفة موجودة بدلائل ضعيفة :
الحجة الأولى : قالوا : لو كان السكون عبارة عن عدم الحركة ، فالبارئ تعالى غير موصوف بالحركة. فيلزم كونه ساكنا ، وأيضا : الحركة غير موصوفة بالسكون ، فوجب كون الحركة ساكنة. وكذا القول في سائر الأعراض.
ولقائل أن يقول : إنا لا نقول : السكون : عبارة عن عدم الحركة على الاطلاق ، بل السكون عبارة عن عدم الحركة ، عن الشيء الذي يكون قابلا للحركة. وعلى هذا التقرير ، فالكلام المذكور ساقط [والله أعلم (٣)]
الحجة الثانية : قالوا : ليس جعل السكون عبارة عن عدم الحركة ، أولى من جعل الحركة عبارة عن عدم السكون ، فوجب القول ، إما بكون كل واحد منهما عبارة عن عدم [الآخر (٤)] وإما بكون كل واحد منهما صفة وجودية. والأول باطل لأنه إذا كان كل واحد منهما عبارة عن عدم [الآخر ، وكان كل واحد منهما عدما محضا ، كان كل واحد منهما عبارة عن عدم (٥)] العدم ،
__________________
(١) من (س)
(٢) من (س)
(٣) من (ت)
(٤) من (ط ، س)
(٥) من (ط ، س)