فيكون كل واحد منهما صفة موجودة. مع أنا فرضنا كون كل واحد منهما عدما محضا ، وذلك متناقض. وإذا بطل هذا ، ثبت أن الحق هو كون كل واحد منهما صفة موجودة.
ولقائل أن يقول : إن قول القائل : ليس جعل السكون عبارة عن عدم الحركة ، أولى من العكس : إما أن يكون المراد منه : نفي الأولوية في نفس الأمر ، أو نفيها في أفكارنا وعقولنا. والأول ممنوع. فلم لا يجوز أن يكون أحدهم عدما للآخر ، ويكون الآخر صفة موجودة. والثاني مسلّم ، إلّا أنه [يجب علينا أن (١)] نتوقف في الحكم ، وأن لا نجزم بأحد الطرفين ، إلا لدليل منفصل. وإذا عرفت هذا ، فنقول إذا قلنا : إنا عملنا : أن الذات قد تحركت بعد أن كانت ساكنة ، فقد حصل هذا النوع من التبدل والتغير ، فههنا يحصل بحسب التقسيم العقلي : أقسام أربعة :
أحدهما : أن يكون كلتا (٢) الحالتين أمرا عدميا. أعنى الطارئ والزائل.
والثاني : أن يكون الطارئ عدما ، والزائل وجودا.
والثالث : أن يكون الأمر بالعكس منه.
والرابع : أن يكون كل واحد منهما أمرا موجودا ، مضادا للآخر.
أما الاحتمال الأول فهو باطل على الاطلاق. لأن العدم لا حقيقة له ، ولا تشخص فيه ، ولا ثبوت له بوجه من الوجوه. [امتنع (٣)] تبدل أحد العدمين بالثاني. ومن الناس من قال : هذا الاحتمال غير باطل. ويدل عليه وجوه :
الأول : وهو أن حدوث الحوادث في الأزل ، كان ممتنعا لعينه. [ثم
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) إحدى (ط)
(٣) من (ت)