انقلب في لا يزال ممكنا لعينه (١)] ثم ثبت بالدليل : أن الامتناع لا يعقل أن يكون صفة موجودة ، وكذلك الإمكان لا يعقل كونه صفة موجودة. أما الامتناع فالدليل عليه : أنه لو كان صفة موجودة ، لكان الموصوف [بتلك الصفة (٢)] أولى أن يكون [شيئا (٣)] موجودا ، لشهادة صريح العقل بأن الصفة الموجودة يمتنع قيامها بالنفي المحض والعدم الصرف. فيلزم أن يكون ممتنع الوجود لذاته ، واجب [الوجود لذاته (٤)] وذلك محال ، وأما الإمكان. فلأنه لو كان موجودا ، لكان إما واجبا لذاته ، وإما ممتنعا لذاته ، وإما ممكنا لذاته. والأول باطل. لأن الإمكان صفة ، [للممكن (٥)] وصفة الشيء مفتقرة إلى الموصوف. والمفتقر إلى الغير ممكن لذاته. والثاني باطل ، لأن كل ما كان موجودا ، لم يكن ممتنع الوجود. والثالث باطل ، وإلا لكان إمكان الإمكان مغايرا له ، ولزم التسلسل. وهو محال. فيثبت : أن الامتناع قد تبدل بالإمكان ، مع أن كل واحد منهما صفة عدمية.
الثاني : إن العالم حين كان معدوما ، فإنه يصدق على البارئ تعالى أنه ما كان عالما بوجوده. وحين صار موجودا ، فإنه يصدق عليه أنه صار عالما بوجوده. فعلى هذا التقدير : صدق أن البارئ تعالى ما كان عالما بوجود العالم ، ثم صار عالما بوجوده. فيلزم أن تحدث صفة العلم في ذات الله تعالى. وذلك باطل. فعلمنا : أن صدق هذا النفي والإثبات ، لا يدل على حدوث أمر ، ولا على زواله.
الثالث : إن العالم حين كان معدوما ، فإنه صدق على البارئ تعالى : بأنه ما أوجده. ولما دخل في الوجود ، قد صدق عليه : أنه أوجده. فعلى هذا التقدير : صدق على البارئ تعالى : أنه ما كان موجودا للعالم ، ثم صار
__________________
(١) من (ط)
(٢) من (ط)
(٣) من (ت)
(٤) من (ط ، س)
(٥) من (ت)