يبطل حصوله في ذلك الحيز ، وكل ما يصح عليه العدم ، امتنع أن يكون قديما. فيثبت : أن الجسم يمتنع خلوه عن الأكوان ، ويثبت : أن [كل كون محدث ، فثبت أن (١)] كل جسم ، فإنه يمتنع خلوه عن الحوادث. وإنما قلنا : إن كل ما يمتنع خلوه عن الحوادث فهو حادث. لأن تلك الحوادث. إما أن يكون لها أول ، وإما أن لا يكون لها أول. والثاني باطل ، للدلائل المذكورة في إبطال حوادث لا أول لها ، فبقي الأول. فيثبت : أن الجسم لا يخلو عن الحوادث ، وثبت : أن كل ما لا يخلو عن الحوادث ، فهو حادث. فوجب : أن يكون الجسم حادثا. وهو المطلوب.
واعلم أن هذا الدليل ، هو عين الدليل الأول. إلا أن التركيب والنظم مختلف.
وأقول (٢) : يتوجه على هذا النظم : سؤال. لا يتوجه على النظم الأول. وذلك لأنا نقول : هذا النظم يحتمل وجهين :
الأول : أن يقال : الجسم لا يخلو عن حوادث لها أول ، وكل ما كان كذلك ، فهو حادث.
والثاني : أن يقال : الجسم لا يخلو عن الحوادث. وكل ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث. أما الأول ففاسد. لأن على هذا التقدير تصير صغرى هذا القياس : عين النتيجة. لأنا قولنا : الجسم لا يخلو عن حوادث لها أول : معناه : أن الجسم ما كان موجودا قبل ذلك الأول. وهذا هو عين ادعاء حدوث الجسم. فثبت : أن على هذا التقدير تصير صغرى هذا القياس : عين النتيجة المطلوبة ، ولا شك أنه فاسد.
وأما الثاني ففاسد أيضا ، لأن على هذا التقدير تصير الكبرى كاذبة. لأن قولنا : وكل ما لا يخلو عن الحوادث ، فهو حادث : قضية كلية. وهذه الكلية
__________________
(١) من (س)
(٢) قال العلامة ، رضي الله عنه : (ت)