التعين ، إنما حصل بسبب منفصل ، وذلك السبب المنفصل. إما موجب وإما مختار. والأول باطل. لأن نسبة الموجب إلى الكل على السوية. وعند الاستواء في النسبة ، يمتنع حصول الرجحان والاختصاص (١) فوجب أن يكون [فاعلا (٢)] مختارا. وكل ما كان فعلا لفاعل مختار ، فهو محدث ، فالأجسام محدثة.
الحجة الثامنة : قال بعضهم : «الأجسام متناهية في المقدار ، وكل ما كان كذلك ، كان متناهي القوة ، فوجب أن تكون قوة الأجسام على البقاء : متناهية. وكل ما كان كذلك ، فإنه يمتنع كونه أزليا» أما قولنا : إنها متناهية المقدار ، فلما ثبت في باب تناهي الأبعاد. وأما أن كل ما كان متناهي المقدار ، فإنه يكون متناهيا في القوة : فلما يذكره الحكماء من أن القوة الجسمانية يجب كونها متناهية. وأما النتيجة فظاهرة.
واعلم أن دليل الحكماء على القوة الجسمانية يجب كونها متناهية : دليل ضعيف. قد بينا ضعفه بوجوه كثيرة. وأيضا : فالحكماء يقولون : العالم أزلي أبدي ، لا لقوة ذاتية بل لقوة علّته ومبدئه. وهو منزه عن كونه جسما أو جسمانيا [والله أعلم (٣)]
الحجة التاسعة : ما سوى الواحد ممكن ، وكل ممكن محدث ، فما سوى الواحد محدث [بيان الأول من وجوه :
الأول : إنا نقول (٤)] لو فرضنا موجودين واجبي الوجود لكانا مشتركين في الوجوب بالذات ، ومختلفين في التعين ، فكان كل واحد منهما مركبا من الوجوب ومن ذلك التعين. فإما أن يكون الوجوب علة لذلك التعين ، فيلزم : أن يكون كل واجب الوجود لذاته ، فهو ذلك التعين ، فلا واجب وجود إلا ذلك التعين ، وإما أن يكون ذلك التعين ، علة لوجوب الوجود ، وهو محال :
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) من (ط ، س)
(٣) من (ط)
(٤) من (س)