(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ (١٩)) [١٦ ـ ١٩]
(١) قرآنه : هنا بمعنى قراءته لأن قرآن مصدر من مصادر قرأ.
الخطاب في الآيات موجّه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم. وفيها أمر بعدم تحريك لسانه بالقرآن الذي يوحى إليه مستعجلا آية بعد آية ، بل عليه متابعة سماع الآيات إلى أن ينتهي وحيها.
وفيها تطمين بأن الله عزوجل مثبت في وعيه ما يلقى عليه وملهمه بيانه وفهمه.
والآيات جاءت كما هو ظاهر معترضة بين آيات تؤكد مجيء يوم القيامة وتنذر منكريه وتبين مصائر الناس فيه.
والآيات التالية لها استمرار في نفس الموضوع والسياق. حيث يبدو من هذه أن لا صلة لهذه الآيات بالسياق.
وقد روى المفسرون أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان حينما يوحى إليه بالقرآن يردّد الآيات واحدة بعد أخرى بشفتيه قبل انتهاء وحيها مستعجلا حفظها وتذكرها خشية نسيانها فنزلت الآيات للتنبيه والتعليم والتطمين (١).
والرواية متسقة مع الآيات. وورودها في الموضع الذي وردت فيه والذي يبدو عجيبا لا يستقيم والله أعلم إلّا بفرض أن تكون هذه الحادثة قد وقعت أثناء نزول الآيات السابقة لها فأوحى الله عزوجل بهذه الآيات فورا لبيان ما في العمل
__________________
(١) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري وابن كثير والبغوي والطبرسي. وقد روى ذلك أيضا البخاري والترمذي عن ابن عباس (انظر التاج ج ٤ ص ٢٤٨) وهذا نص الحديث : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا نزل جبريل بالوحي وكان مما يحرك في لسانه وشفتيه فيشتدّ عليه وكان يعرف منه فأنزل الله الآيات فكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعد الله».