والوصايا الربانية الطقسية والأخلاقية والاجتماعية والقضائية والمعاشية والصحية والإنذارات والتبشيرات بأسلوب الحكاية أيضا. وسفر الأحبار وحده قاصر على التشريعات والتعليمات والوصايا والإنذارات والتبشيرات المذكورة. والأخرى مزيجة من ذلك ومن التاريخ. وليس فيها ما يفيد أنها من إملاء موسى أو أنها كتبت في عهده بل فيها ما يفيد أنها كتبت بعده وبأقلام عديدة وفي أزمنة مختلفة وتأثرت بالوقائع والأحداث التي حدثت بعد موسى واختلطت الحقائق فيها بالخيال والمبالغات والمفارقات. ونسب فيها إلى الله ورسله ما يتنزّهون عنه. ولقد جاء بعض ما فيها مكررا للبعض الآخر مع كثير من التباين أحيانا زيادة ونقصا وعبارة وموضوعا مما فيه الدلالة الحاسمة على أنها كتبت بأقلام عديدة وفي أزمنة مختلفة واستقاها كتّابها من مصادر مختلفة. ولقد جاء في سفر (تثنية الاشتراع) مثلا ذكر موت موسى ودفنه في الوادي في أرض مؤاب ثم أعقب الكاتب ذلك بقوله : (ولم يعرف قبره إلى يومنا هذا) حيث يفيد أن كتابة الجملة وبالتالي كتابة السفر إنما كانت بعد وفاة موسى بمدة طويلة. ولقد ورد في سفري الأحبار والتثنية مثلا إنذار بما وقع فعلا على بني إسرائيل بعد موسى بمدة طويلة من غزوات وضربات خارجية ومن انحرافات دينية وأخلاقية ارتكس فيها بنو إسرائيل ومن إجلاء وتشتيت شمل لهم بين الأمم ثم وعد بتحنين قلب الربّ وإرجاعهم مرة أخرى وجمع شملهم بعد التبديد والتشتيت وهو ما كان فعلا مما لا يعقل أن يذكر إلّا بعد وقوعه.
ويأتي بعد الأسفار الخمسة مما سمته التاريخية غالبة أسفار يشوع والقضاة وراعوث وصموئيل الأول وصموئيل الثاني (والأخيران يسميان في الطبعة الكاثوليكية بسفري الملوك الأول والملوك الثاني) والملوك الأول والملوك الثاني (وهذان يسميان في الطبعة المذكورة بسفري الملوك الثالث والملوك الرابع) وأخبار الأيام الأول وأخبار الأيام الثاني وعزرا ونحميا واستير وطوبيا ويهوديت (والأخيران من زوائد الكاثوليكية وترتيبها قبل سفر استير) وسفر المكابيين الأول وسفر المكابيين الثاني (وهذان من زوائد الكاثوليكية وهما في الترتيب آخر أسفار العهد القديم). وتؤرخ هذه الأسفار سيرة بني إسرائيل من بعد موسى إلى ما بعد سبي