وروى عن الترمذي حديثا عن أبي ذرّ عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن» (١). وروى عن الترمذي ومسلم والبخاري حديثا عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «خياركم أحاسنكم أخلاقا» وفي رواية : «إنّ من أخيركم أحسنكم خلقا» (٢).
حيث ينطوي في الأحاديث صورة من أخلاق رسول الله واهتمامه بالحثّ على مكارم الأخلاق مما له صلة بالتأديب القرآني الذي تحتوي عليه الآية. وكفى ثناء على أخلاق رسول الله صلىاللهعليهوسلم آية سورة القلم (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)). وكان ذلك من أسباب اصطفاء الله إياه لرسالته العظمى (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) كما جاء في آية سورة الأنعام [١٢٤].
(وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣)) [آية ٢٠٣]
(١) آية : قال ابن كثير إن المقصود من الآية في هذه الآية معجزة ، غير أن معظم المفسرين أوّلوها بآية قرآنية. وهذا أوجه وفي الآية قرينة على وجاهة هذا التأويل والآية القرآنية بمعنى جملة قرآنية.
(٢) لولا : جاءت في القرآن كثيرا بمعنى هلا للتحدي وهي هنا بهذا المعنى.
(٣) اجتبيتها : قال المفسرون إنها هنا بمعنى اختلقتها أو تقوّلتها. والاجتباء في الأصل الاصطفاء وهي من جبى بمعنى أخذ.
في الآية حكاية لبعض مواقف الكفار حيث كانوا يقترحون على النبي صلىاللهعليهوسلم الإتيان بآية. وحينما لا يلبيهم يلمزونه قائلين هلا اختلقت ما نطلب منك. وقد أمرت النبي صلىاللهعليهوسلم بالردّ عليهم بأنه إنما يتبع ما يوحى إليه به من ربّه وليس له إلّا التزام
__________________
(١) التاج ج ٥ ص ٥٧.
(٢) المصدر نفسه.