اتّصف الواجب النفسي بهما أيضا ؛ ضرورة أنّه قد يكون غير مقصود بالإفادة ، بل افيد بتبع غيره المقصود بها.
ثمّ استدلّ في ذيل كلامه بأنّ الظاهر ـ كما مرّ ـ أنّ الاتّصاف بهما إنّما هو في نفسه لا بلحاظ حال الدلالة عليه ، وإلّا لما اتّصف بواحدة منهما ؛ إذ لم يكن بعد مفاد دليل ، وهو كما ترى ؛ إذ من البديهي أنّهما يتحقّقان قبل هذه المرحلة.
وقال المحقّق الأصفهاني قدسسره (١) تأييدا لكلام صاحب الكفاية قدسسره : والتحقيق ما أشرنا إليه في بعض الحواشي المتقدّمة من أنّه للواجب وجودا ووجوبا بالنسبة إلى مقدّمته جهتان من العلّيّة : إحداهما : العلّيّة الغائيّة ، حيث إنّ المقدّمة إنّما تراد لمراد آخر لا لنفسها ، بخلاف ذيها فإنّه مراد لا لمراد آخر كما مرّ مفصّلا. والثانية : العلّيّة الفاعليّة ، وهي أنّ إرادة ذي المقدّمة علّة لإرادة مقدّمته ، ومنها تنشأ وترشّح عليها الإرادة ، فالجهة الاولى مناط الغيريّة ، والجهة الثانية مناط التبعيّة. ووجه الانفكاك بين الجهتين أنّ ذات الواجب النفسي حيث إنّه مترتّب على الواجب الغيري فهي الغاية الحقيقيّة ، لكنّه ما لم يجب لا تجب المقدّمة ، فوجوب المقدّمة معلول خارجا لوجوب ذيها ومتأخّر عنه رتبة ، إلّا أنّ الغرض منه ترتّب ذيها عليها.
والدليل على ارتباط التبعيّة والأصالة بالعلّيّة الفاعليّة عبارة عن استقلال ذي المقدّمة وأصالته في التحقّق ، وتبعيّة إرادة المقدّمة للإرادة المتعلّقة بذيها ، وحينئذ لا محالة لا يرتبط هذا التقسيم بمقام الإثبات والدلالة.
ونضيف إليه أنّ التقسيم إلى النفسيّة والغيريّة بلحاظ ارتباطه بالوجوب والبعث والتحريك الاعتباري يرتبط بمقام الإثبات والدلالة.
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ : ١٥٧ ـ ١٥٨.