أن يكون كلّ من الواجب الأصلي والتبعي واجبا نفسيّا وواجبا غيريّا ، فيجتمع في الصلاة ـ مثلا ـ كلا العنوانين الأصلي والنفسي بلحاظ استفادتها من الدليل المستقلّ ، وهكذا يجتمع في الوضوء كلا العنوانين الأصلي والغيري ؛ لأنّ وجوبه أيضا يستفاد من الدليل المستقلّ. وهكذا في الواجب التبعي يمكن أن يكون واجبا نفسيّا ويمكن أن يكون واجبا غيريّا ، كقول المولى لعبده : «إن لم يجئك زيد فلا يجب إكرامه» ، ومفهومه على القول به في القضيّة الشرطيّة «إن جاءك زيد يجب إكرامه» ، فيجتمع في إكرام زيد الوجوب النفسي والتبعي ، فإنّه يستفاد من مفهوم الدليل ويكون لازم مفاد الدليل ، وهكذا يستفاد من قوله : «كن على السطح» على القول بالملازمة أنّ وجوب نصب السلّم غيري وتبعيّ معا ، هذا محصّل كلامه.
وقال صاحب الكفاية قدسسره (١) : والظاهر أن يكون هذا التقسيم بلحاظ الأصالة والتبعيّة في الواقع ومقام الثبوت ، فالواجب الأصلي ما يكون ملتفتا إليه مع مطلوبيّته للمولى الآمر ، ولذا يصير متعلّقا للإرادة والطلب مستقلّا للالتفات إليه بما هو عليه ممّا يوجب طلبه ، كان طلبه نفسيّا أو غيريّا ، والواجب التبعي ما لا يكون ملتفتا إليه أصلا ، أو لا يكون مطلوبيّة الملتفت إليه له ، فلذا يصير متعلّقا للإرادة تبعا لإرادة غيره ؛ لأجل كون إرادته لازمة لإرادة الغير من دون التفات إليه بما يوجب إرادته.
وعلى هذا المعنى لا تجتمع التبعيّة مع النفسيّة ؛ إذ الواجب النفسي عبارة عمّا تتحقّق له المصلحة اللازمة الاستيفاء ، فكيف يجتمع هذا مع عدم الالتفات إليه أو إلى مطلوبيّته؟! نعم ، لو كان الاتّصاف بالأصالة والتبعيّة بلحاظ الدلالة
__________________
(١) المصدر السابق.