كذلك إذا أمر بشخص آخر بإتيانه كان له أمران : إحداهما يتعلّق بذي المقدّمة والآخر بالمقدّمة ، ولا يصحّ التفكيك بينهما ، فتقتضي تبعيّة الإرادة التشريعيّة للإرادة التكوينيّة القول بالملازمة.
وفيه : أوّلا : أنّه ما الدليل على هذه التبعيّة؟
وثانيا : أنّه بعد التوجّه إلى أنّ الإرادة المتعلّقة بالمقدّمة لا تكون معلولة للإرادة المتعلّقة بذي المقدّمة بحيث لا تحتاج إلى المبادئ كما مرّ مرارا ، ولا شكّ في أنّ المولى إذا أراد إيجاد الكون على السطح بنفسه تتعلّق إرادته بجميع مباديه أوّلا وبالمقدّمة ثانيا ، إن التفت إليها يلتفت إلى أنّه لا يمكن عادة بدونها الكون على السطح ، ولكنّه إذا كان في مقام التشريع وصدور الأمر بذلك تتعلّق إرادته التشريعيّة بذي المقدّمة ، ومع ذلك يمكن عدم تعلّق إرادته التشريعيّة بالمقدّمة ، بل يصحّ قوله بعدم تعلّق الأمر الوجوبي بها لعدم الاحتياج إليه ، فإنّ المكلّف إذا التفت إليها يوجدها في الخارج بحكم العقل ، ومنكر الملازمة أيضا قائل بتحقّق اللابدّيّة العقليّة ، فيتحقّق بين الإرادتين فرق واضح.
وربما يقال بلغويّة تعلّق الإرادة التشريعيّة بالمقدّمة ، فإنّها تحتاج إلى المبادئ ومنها التصديق بالفائدة ، وإذا لاحظ المولى أنّ العبد يأتي بها بحكم العقل واللابدّيّة العقليّة ، فما فائدة أمره وإرادته التشريعيّة؟ نعم ، لا إشكال في صدوره عن المولى الحكيم في بعض الموارد ، مثل : «ادخل السوق واشتر اللحم» بغرض التأكيد إن لم يمكن حمله على الإرشاد.
وقال صاحب الكفاية قدسسره (١) : ولا بأس بذكر الاستدلال الذي هو كالأصل لغيره ممّا ذكره الأفاضل من الاستدلالات ، وهو ما ذكره أبو الحسن البصري ،
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٠١.